قوله تعالى ﴿إن ترك خيراً﴾
قال الخازن
﴿إن ترك خيراً﴾ يعني مالاً قيل يطلق على القليل والكثير وهو قول الزهري : فتجب الوصية في الكل وقيل : إن لفظة الخير لا تطلق إلاّ على المال الكثير وهو قول الأكثرين واختلفوا في مقدار الكثير الذي تقع فيه الوصية فقيل : ألف درهم فما زاد عليها. وقيل : سبعمائة فما فوقها. وقيل : ستون ديناراً فما فوقها. وقيل : إنه من خمسمائة إلى ألف وقيل : إنه المال الكثير الفاضل عن العيال، روي أن رجلاً قال لعائشة : إني أريد أن أوصي فقالت كم مالك ؟ قال : ثلاثة آلاف درهم قالت : كم عيالك ؟ قال أربعة. قالت إنما قال الله :﴿إن ترك خيراً﴾ وهذا شيء يسير فاتركه لعيالك. ﴿الوصية﴾ أي الإيصاء والوصية التقدم إلى الغير بما يعمل به وقيل : هي القول المبين لما يستأنف من العمل والقيام به بعد الموت ﴿للوالدين والأقربين﴾ كانت الوصية في ابتداء الإسلام فريضة للوالدين والأقربين على من مات وله مال. وسبب ذلك أن أهل الجاهلية كانوا يوصون للأبعدين طلباً للفخر والشرف والرياء ويتركون الأقربين فقراء فأوجب الله تعالى الوصية للأقربين، ثم نسخت هذه الآية بأية المواريث، وبما روي عن عمر بن خارجة قال : كنت آخذاً بزمام ناقة النبي ﷺ وهو يخطب فسمعته يقول :" إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث " أخرجه النسائي والترمذي، نحوه وذهب ابن عباس إلى أن وجوبها صار منسوخاً في حق من يرث، وبقي وجوبها في حق من لا يرث من الوالدين والأقربين.


الصفحة التالية
Icon