فصل
يحتمل أن يكون المراد منه قدر ما يوصى به، فيسوَّى بينهم في العطيَّة، ويحتمل أن يكون المراد من المعروف ألاَّ يعطي البعض، ويحرم البعض ؛ كما إذا حرم الفقير، وأوصى للغنيِّ، لم يكن ذلك معروفاً، ولو سوَّى بين الوالدين مع عظم حقهما، وبين بني العمِّ، لم يكن معروفاً، فالله تعالى كلَّفه الوصيَّة ؛ على طريقة جميلة خالية عن شوائب الإيحاش، ونقل عن ابن مسعود : أنه جعل هذه الوصيَّة للأفقر فالأفقر من الأقرب.
وقال الحسن البصريُّ : هم والأغنياء سواء.
وروي عن الحسن أيضاً، وجابر بن زيدٍ، وعبد الملك بن يعلى : أنهم قالوا فيمن يوصى لغير قرابته، وله قرابةٌ لا ترثه، قالوا : نجعل ثُلثي الثُّلث لذوي قرابته، وثلث الثُّلث للموصى له، وتقدَّم النَّقل عند طاوس أنَّ الوصيَّة تنزع من الأجنبيِّ، وتعطى لذوي القرابة.
وقال بعضهم : قوله :" بالمعروف " : هو ألاَّ يزيد على الثُّلث، روي عن سعد بن مالك، قال : جاءني النبيُّ ﷺ يعودني، فقلت : يا رسول الله، قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مالٍ، ولا يرثني إلاَّ ابنتي، فأوصي بثلثي مالي ؟ وفي روايةٍ :" أُوصِي بِمَالِي كُلِّه " قال :" لا "، قُلْتُ : بالشَّطْر ؛ قال :" لا "، قلت فالثُّلُث، قال :" الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كثير ؛ إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالةً يتكفَّفون الناس"
وقال [عليٌّ : لأن أوصي بالخمس أحبُّ إليَّ من أن أوصي بالربع، ولأن أوصي بالربع أحبُّ إليَّ من أن أوصي بالثُّلثن فلم أوصي بالثُّلث، فلم يترك " ].
وقال الحسن : نوصي بالسُّدس، أو الخمس، أو الرُّبع.
وقال الفارسيُّ : إنما كانوا يوصون بالخمس والرُّبع.
وذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز أن يوصي بأكثر من الثُّلث، إلاَّ أصحاب الرأي، فإنهم قالوا : إن لم يترك الوصيُّ ورثةً، جاز له أن يوصي بماله كله.