الخطاب في قوله :﴿فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ﴾ لجميع المسلمين، أي : إن خفتم من موص جنفاً، أي : ميلاً في الوصيَّة، وعدولاً عن الحقِّ، ووقوعاً في إثم، ولم يخرجها بالمعروف بأن يوصي بالمال إلى زوج ابنته، أو لولد ابنته ؛ لينصرف المال إلى ابنته [أو إلى ابن ابنه، والغرض أن ينصرف المال إلى ابنِهِ، أو أوصى لبعيدٍ]، وترك القريب ؛ فبادروا إلى السَّعي في الإصلاح بينهم، فإذا وقع الصُّلح، سقط الإثم عن المصلح، والإصلاح فرض على الكفاية، إذا قام أحدهم به، سقط عن الباقين، وإن لم يفعلوا، أثم الكل. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٢ صـ ٢٧٠﴾
قوله تعالى :﴿فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ ﴾
والإصلاح جعل الشيء صالحاً يقال : أصلحه أي جعله صالحاً، ولذلك يطلق على الدخول بين الخصمين بالمراضاة ؛ لأنه يجعلهم صالحين بعد أن فسدوا، ويقال : أصلح بينهم لتضمينه معنى دخل. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ١٥٤﴾
وقال الإمام الفخر :
أما قوله تعالى :﴿فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾ فيه مسائل :
المسألة الأولى : هذا المصلح من هو ؟ الظاهر أنه هو الوصي الذي لا بد منه في الوصية وقد يدخل تحته الشاهد، وقد يكون المراد منه من يتولى ذلك بعد موته من وال أو ولي أو وصي، أو من يأمر بالمعروف.
فكل هؤلاء يدخلون تحت قوله تعالى :﴿فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ﴾ إذا ظهرت لهم أمارات الجنف والاسم في الوصية، أو علموا ذلك فلا وجه للتخصيص في هذا الباب، بل الوصي والشاهد أولى بالدخول تحت هذا التكليف وذلك لأن بهم تثبت الوصية فكان تعلقهم بها أشد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ٥٨﴾
سؤال : لقائل أن يقول : الضمير في قوله :﴿فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾ لا بد وأن يكون عائداً إلى مذكور سابق فما ذلك المذكور السابق ؟


الصفحة التالية
Icon