وجوابه : أن لا شبهة أن المراد بين أهل الوصايا، لأن قوله :﴿مِن مُّوصٍ﴾ دل على من له الوصية فصار كأنهم ذكروا فصلح أن يقول تعالى فأصلح بينهم كأنه قال : فأصلح بين أهل الوصية وقال القائلون : المراد فأصلح بين أهل الوصية والميراث، وذلك هو أن يزيد الموصي في الوصية على قدر الثلث، فالمصلح يصلح بين أهل الوصايا والورثة في ذلك، وهذا القول ضعيف من وجوه أحدها : أن لفظ الموصي إنما يدل على أهل الوصية لا على الورثة
وثانيها : أن الجنف والإثم لا يدخل في أن يوصي بأكثر من الثلث لأن ذلك لما لم يجز إلا بالرضا صار ذكره كلا ذكر، ولا يحتاج في إبطاله إلى إصلاح لأنه ظاهر البطلان. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ٥٨﴾
وقال ابن عادل :
والضمير في " بَيْنَهُمْ " عائدٌ على الموصي، والورثة، أو على الموصى لهم، أو على الورثة والموصى لهم، والظاهر عوده على الموصى لهم، إذ يدلُّ على ذلك لفظ " الموصي "، وهو نظير " وأَدَاءٌ إلَيْهِ " في أنَّ الضَّمير يعود للعافي ؛ لاستلزام " عُفِيَ " له ؛ ومثله ما أنشد الفراء :[الوافر ]
وَمَا أَدْرِي إِذَا يَمَّمْتُ أَرْضاً... أُرِيدُ الخَيْرَ أَيُّهُمَا يَلِينِي
فالضمير في " أيُّهما " يعود على الخير والشَّرِّ، وإن لم يجر ذلك الشَّرِّ، لدلالة ضده عليه، والضمير في " عَلَيْهِ " وفي " خَافَ " وفي " أَصْلَحَ " يعود على " مَنْ ". أ هـ ﴿اللباب لابن عادل حـ ٢ صـ ٣٢٧﴾
فإن قيل : هذا الإصلاح طاعةٌ عظيمةٌ، ويستحقُّ الثَّواب عليه، فكيف عبَّر عنه بقوله :﴿فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ ؟
فالجواب : من وجوه :
أحدها : أنه تعالى، لما ذكر إثم المبدِّل في أوَّل الآية وهذا أيضاً من التَّبديل، بيَّن مخالفته للأوَّل، وأنه لا إثم عيه ؛ لأنَّه ردَّ الوصيَّة إلى العدل.