فصل
قال الفخر :
قوله تعالى :﴿وَكَأَيّن مّن قَرْيَةٍ﴾
الكلام في كأين قد مر، وقوله :﴿عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبّهَا﴾ وصف القرية بالعتو والمراد أهلها، كقوله :﴿واسئل القرية﴾ [ يوسف : ٨٢ ] قال ابن عباس :﴿عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبّهَا﴾ أي أعرضت عنه، وقال مقاتل : خالفت أمر ربها، وخالفت رسله، فحاسبناها حساباً شديداً، فحاسبها الله بعملها في الدنيا فجازاها العذاب، وهو قوله :﴿وعذبناها عَذَاباً نُّكْراً﴾ أي عذاباً منكراً عظيماً، فسر المحاسبة بالتعذيب.
وقال الكلبي : هذا على التقديم والتأخير، يعني فعذبناها في الدنيا وحاسبناها في الآخرة حساباً شديداً، والمراد حساب الآخرة وعذابها ﴿فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا﴾ أي شدة أمرها وعقوبة كفرها.
وقال ابن عباس : عاقبة كفرها ﴿وَكَانَ عاقبة أَمْرِهَا خُسْراً﴾ أي عاقبة عتوها خساراً في الآخرة، وهو قوله تعالى :﴿أَعَدَّ الله لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً﴾ يخوف كفار مكة أن يكذبوا محمداً فينزل بهم ما نزل بالأمم قبلهم، وقوله تعالى :﴿فاتقوا الله ياأولى الألباب﴾ خطاب لأهل الإيمان، أي فاتقوا الله عن أن تكفروا به وبرسوله، وقوله :﴿قَدْ أَنزَلَ الله إِلَيْكُمْ ذِكْراً * رَسُولاً﴾ هو على وجهين أحدهما : أنزل الله إليكم ذكراً، هو الرسول، وإنما سماه ذكراً لأنه يذكر ما يرجع إلى دينهم وعقباهم وثانيهما : أنزل الله إليكم ذكراً، وأرسل رسولاً.