الثالث : كل من آمن بالله فقد خرج من الظلمات إلى النور وإذا كان كذلك فحق هذا الكلام وهو قوله تعالى :﴿لّيُخْرِجَ الذين ءامَنُواْ﴾ أن يقال : ليخرج الذين كفروا ؟ نقول : يمكن أن يكون المراد : ليخرج الذين يؤمنون على ما جاز أن يراد من الماضي المستقبل كما في قوله تعالى :﴿وَإِذْ قَالَ الله ياعيسى﴾ [ آل عمران : ٥٥ ] أي وإذ يقول الله، ويمكن أن يكون ليخرج الذين آمنوا من ظلمات تحدث لهم بعد إيمانهم.
ثم قال تعالى :﴿وَمَن يُؤْمِن بالله وَيَعْمَلْ صالحا يُدْخِلْهُ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار خالدين فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ الله لَهُ رِزْقاً ﴾.
قوله :﴿وَمَن يُؤْمِن بالله﴾ فيه معنى التعجب والتعظيم لما رزق الله المؤمن من الثواب، وقرىء ﴿يُدْخِلْهُ﴾ بالياء والنون، و ﴿قَدْ أَحْسَنَ الله لَهُ رِزْقاً﴾ قال الزجاج : رزقه الله الجنة التي لا ينقطع نعيمها، وقيل :﴿رِزْقاً﴾ أي طاعة في الدنيا وثواباً في الآخرة ونظيره ﴿رَبَّنَا ءاتِنَا فِى الدنيا حَسَنَةً وَفِي الآخرة حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النار﴾ [ البقرة : ٢٠١ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣٠ صـ ٣٤ ـ ٣٦﴾