وكائن بالأباطح من صديق... وقرأ بعض القراء :﴿ وكأين ﴾ بتسهيل الهمزة، وفي هذين الوجهين قلب لأن الياء قبل الألفات، وقوله تعالى :﴿ فحاسبناها ﴾ قال بعض المتأولين : الآية في الآخرة، أي ثم هو الحساب والتعذيب والذوق وخسار العاقبة. وقال آخرون : ذلك في الدنيا، ومعنى :﴿ فحاسبناها حساباً شديداً ﴾ أي لم نغتفر لها زلة بل أخذت بالدقائق من الذنوب، وقرأ نافع وابن كثير وابن ذكران :" نكُراً " بضم الكاف، وقرأ الباقون :" نكْراً " بسكون الكاف وهي قراءة عيسى، وقوله تعالى :﴿ أعد الله لهم عذاباً شديداً ﴾ يظهر منه أنه بيان لوجه خسران عاقبتهم، فيتأبد بذلك أن تكون المحاسبة والتعذيب والذوق في الدنيا، ثم ندب تعالى ﴿ أولي الألباب ﴾ إلى التقوى تحذيراً، وقوله تعالى :﴿ الذين آمنوا ﴾ صفة ل ﴿ أولي الألباب ﴾، وقرأ نافع وابن عامر :" صالحاً ندخله " بالنون، وكذلك روى المفضل عن عاصم، وقرأ الباقون :" يدخله " بالياء، وقوله تعالى :﴿ قد أنزل الله إليكم ذكراً رسولاً ﴾ اختلف الناس في تقدير ذلك، فقال قوم من المتأولين : المراد بالاسمين القرآن، ف " رسول " يعني رسالة، وذلك موجود في كلام العرب، وقال آخرون :﴿ رسولاً ﴾ نعت أو كالنعت لذكر، فالمعنى ذكر ذا رسول، وقيل الرسول : ترجمة عن الذكر كأنه بدل منه، وقال آخرون : المراد بهما جميعاً محمد وأصحابه، المعنى : ذا ذكر رسولاً، وقال بعض حذاق المتأولين الذكر : اسم من أسماء النبي ﷺ : واحتج بهذا القاضي ابن الباقلاني في تأويل قوله تعالى :﴿ ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ﴾ [ الأنبياء : ٢ ]، وقال بعض النحاة معنى الآية ﴿ ذكراً ﴾ بعث ﴿ رسولاً ﴾ فهو منصوب بإضمار فعل، وقال أبو علي الفارسي : يجوز أن يكون ﴿ رسولاً ﴾ معمولاً للمصدر الذي هو الذكر.


الصفحة التالية
Icon