حدثنا الفراء، وحدثنى شيخ من بنى أسد يعنى الكسائى عن نعيم عن أبى عمرو عن عطاء عن أبى عبدالرحمن قال: كان إذا قرأ عليه الرجل: "عَرَّف بعضه" بالتشديد حصبه بالحصباء، وَكأن الذين يقولون: عرَف خفيفة يريدون: غضب من ذلك وَجازى عليه، كما تقول للرجل يسىء إليك: أما والله لأعرفن لك ذلك، وقد لعمرى جازى حفصة بطلاقها، وهو وجه حسن، [وذكر عن الحسن البصرى أنه قرأ عرف بالتخفيف كأبى عبدالرحمن].
﴿ إِن تَتُوبَآ إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ﴾
وقوله: ﴿إِن تَتُوبَآ إِلَى اللَّهِ...﴾.
يعنى: عائشة وحفصة، وذلك: أن عائشة قالت: يا رسول الله، أما يوم غيرى فتتمه، وأما يومى فتفعل فيه ما فعلت؟ فنزل: إن تتوبا إلى الله من تعاونكما على النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ زاغت ومالت ﴿وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ﴾ تعاونا عليه، قرأها عاصم وَالأعمش بالتخفيف، وقرأها أهل الحجاز: "تظَّاهرا" بالتشديد ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ﴾: وليه عليكما ﴿وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ مثلُ أبى بكر وعمر الذين ليس فيهم نفاق، ثم قال: ﴿وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ بعد أولئك، يريد أعوان، ولم يقل: ظهراء، ولو قال قائل: إن ظهيراً لجبريل، ولصالح المؤمنين، والملائكة ـ كان صوابا، ولكنه حسن أن يجعل الظهير للملائكة خاصة، لقوله: (والملائكة) بعد نصرة هؤلاء ظهير.