هذا ويعلم من قوله تعالى إذ أسرّ إلخ جواز أسرار بعض شأن الرّجل لزوجته أو صديقه ممن يأتمنه ويعتمد عليه، ويلزم ذلك المسر اليه الكتمان.
وتشير هذه الآية إلى لزوم حسن معاشرة الزوجة والتلطف بعتابها
عند تقصيرها، ونؤمى أيضا إلى الإعراض عن زلتها.
روي أن عبد اللّه بن رواحة أحد النّقباء كانت له جارية فأتهمته زوجته أنه واقعها حيث رأته معها فأنكر عليها ذلك تعريضا، فقالت له إن كنت صادقا فاقرأ القرآن فأنشد :
شهدت فلم أكذب بأن محمدا رسول الذي فوق السّموات من على
وان أبا يحيى ويحيى كلاهما له عمل في دينه متقبل
وان التي بالجزع من بطن نخلة ومن دانها كلّ عن الخير معزل
قالت زدني، فأنشد :
وفينا رسول اللّه نتلو كتابه كما لاح معروف من الصّبح ساطع
أتى بالهدى بعد العمى فنفوسنا به موقنات إن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا رقدت بالكافرين المضاجع
فقالت زدني أيضا، فأنشد :
علمت أن وعد اللّه حق وان النّار مثوى الكافرينا
وان محمدا يدعو بحق وان اللّه مولى المؤمنينا
وان العرش فوق الماء طاف وفوق العرش رب العالمينا
وتحمله ملائكة كرام ملائكة اللّه مسوّمينا
فقالت أما وقد قرأت اكثر من ثلاث آيات من القرآن فقد صدقت وصدق اللّه وكذب بصري.
وهذا من كمال يقينها رحمها اللّه ورحم زوجها، وذهب بالحال وأخبر رسول اللّه بذلك كله فتبسم صلّى اللّه عليه وسلم وقال خيركم خيركم لنسائه.