ولما أمر بالتوبة عللها بما يفيد الإطماع من الإقامة بين الرجاء والخوف إعلاماً بأن هذا المقام هو المنجي لأنه اعتقاد الكمال له سبحانه وهو أن له أن يفعل ما يشاء في المطيع وغيره بقوله :﴿عسى ربكم﴾ أي افعلوا ذلك ليكون المحسن إليكم بهذا البيان جديراً أو حقيقاً ﴿أن يكفر﴾ أي يغطي تغطية عظيمة ﴿عنكم﴾ أي بالتوبة، وإذا كان التائب على خطر فما ظنك بالمصر على ذنوبه ﴿سيئاتكم﴾ أي ما بدا منكم ما يسوءه.
ولما ذكر نفع التوبة في دفع المضار، ذكر نفعها في جلب المسار فقال :﴿ويدخلكم﴾ أي يوم الفصل ﴿جنات﴾ أي بساتين كثيرة الأشجار تستر داخلها لأنها ﴿تجري ﴾.
ولما كان ذلك الجري في بعض أرضها قال معبراً بأداة التبعيض :﴿من تحتها﴾ أي تحت غرفها وأشجارها ﴿الأنهار﴾ فهي لا تزال ريا.
ولما ذكر الغفران والإكرام.
ذكر وقته فقال مبشراً لأهله معرضاً لغيرهم مستحمداً لأهل وده لكونه وفقهم ولم يخذلهم كأعدائه :﴿يوم لا يخزي الله﴾ أي الملك الأعظم الذي له الإحاطة بالكمال ﴿النبي﴾ أي الرجل الذي ينبئه الله بما يوجب له الرفعة التامة من الإخبار التي هي في غاية العظمة ﴿والذين﴾ أي ولا يخزي الذين ﴿آمنوا معه﴾ وهم الصحابة رضي الله تعالى عنهم إن كان المراد المعية في مطلق الزمان، وسابقوهم إن كان المراد في الوصف أو زمان مخصوص كبدر وبيعة الرضوان لأن النبي ـ ﷺ ـ قال :" لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة " كما رواه مسلم عن أم مبشر ـ رضى الله عنه ـ ا وأبو داود والترمذي عن جابر ـ رضى الله عنه ـ :" ولعل الله اطلع على أهل بدر فقال :" اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " "