عليه في الهداية إلى الطاعة، وقبول توبة الكفار يقطع بها على الله إجماعاً من الأمة، واختلف الناس في توبة العاصي، فجمهور أهل السنة على أنه لا يقطع بقبولها ولا ذلك على الله بواجب، والدليل على ذلك دعاء كل واحد من المذنبين في قبول التوبة ولو كانت مقطوعاً بها لما كان معنى للدعاء في قبولها، وظواهر القرآن في ذلك هي كلها بمعنى المشيئة، وروي عن أبي الحسن الأشعري أنه قال : التوبة إذا توفرت شروطها قطع على الله بقبولها لأنه تعالى أخبر بذلك.
قال القاضي أبو محمد : وهذا المسك بظواهر القرآن، وعلى هذا القول أطبقت المعتزلة، والتوبة الندم على فارط المعصية والعزم على ترك مثلها في المستقبل، وهذا من المتمكن، وأما غير المتمكن كالمجبوب في الزنا فالندم وحده يكفيه، والتوبة عبادة كالصلاة ونحوها، فإذا تاب العبد وحصلت توبته بشروطها وقبلت ثم عاود الذنب، فتوبته الأولى لا تفسدها عودة بل هي كسائر ما تحصل من العبادات، والنصوح بناء مبالغة من النصح إلى توبة نصحت صاحبها وأرشدته، وقرأ الجمهور :" نَصوحاً " بفتح النون، وقرأ أبو بكر عن عاصم وخارجة عن نافع والحسن والأعرج وعيسى :" نُصوحاً " بضم النون، وهو مصدر، يقال : نصح، ينصح، نصاحة، ونصاحة قاله الزجاج، فوصف التوبة بالمصدر كالعدل والزور وغيره، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : التوبة النصوح، هي أن يتوب ثم لا يعود، وقال أبو بكر الوراق : هي أن تضيق عليك الأرض بما رحبت كتوبة الذين خلفوا، وقوله تعالى :﴿ عسى ربكم ﴾ الآية، ترجية، وقد روي أن ﴿ عسى ﴾ من الله واجبة، والعامل في ﴿ يوم ﴾ قوله :﴿ يدخلكم ﴾، وروي في معنى قوله تعالى :﴿ يوم لا يخزي الله النبي ﴾، أن محمداً ﷺ تضرع في أمر أمته فأوحى الله إليه : إن شئت جعلت حسابهم إليك، فقال :


الصفحة التالية
Icon