" يا رب أنت أرحم بهم " فقال الله تعالى : إذا لا أخزيك فيهم، فهذا معنى قوله :﴿ يوم لا يخزي الله النبي ﴾، والخزي المكروه الذي يترك الإنسان حيران خجلاً مهموماً بأن يرى نقصه، أو سوء منزلته، وقوله تعالى :﴿ والذين آمنوا معه ﴾ يحتمل أن يكون معطوفاً على ﴿ النبي ﴾ فيخرج المؤمنون من الخزي، ويحتمل أن يكون ابتداء، و﴿ نورهم يسعى ﴾ جملة هي خبره، ويبقى النبي ﷺ مخصوصاً مفضلاً بأنه لا يخزى، وقد تقدم القول في نظير قوله :﴿ يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ﴾ [ التحريم : ٨ ]، وقرأ سهل بن سعد :" وبإيمانهم "، بكسر الهمزة، وقوله تعالى :﴿ ربنا أتمم لنا نورنا ﴾، قال الحسن بن أبي الحسن هو عندما يرون من انطفاء نور المنافقين حسبما تقدم تفسيره، وقيل يقول من أعطي من النور بقدر ما يرى قدميه فقط.
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٩)
هذه الآية تأكيد لأمر الجهاد وفضله المتقدم، والمعنى دم على جهاد الكافرين بالسيف، وجاهد المنافقين بنجههم وإقامة الحدود عليهم وضربهم في كل جرائمهم، وعند قوة الظن بهم، ولم يعين الله تعالى لرسوله منافقاً يقع القطع بنفاقه، لأن التشهد الذي كانوا يظهرون كان ملبساً لأمرهم مشبهاً لهم بالعصاة من الأمة. والغلظة عليهم هي فظاظة القلب والانتهار وقلة الرفق بهم، وقرأ الضحاك :" وأغلِظ " بسكر اللام وقطع الألف. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٥ صـ ﴾