وإن قال : نَوَيت الكذب دِينَ فيما بينه وبين الله تعالى.
ولا يَدين في القضاء بإبطال الإيلاء.
وإن قال : كل حلال عليه حرام ؛ فعلى الطعام والشراب إذا لم يَنْو، وإلا فعلى ما نَوَى.
ولا يراه الشافعي يميناً ولكن سبباً في الكفارة في النساء وحدهن.
وإن نوى الطلاق فهو رجعي عنده، على ما تقدم بيانه.
فإن حلف ألا يأكله حنِث وَيَبرّ بالكفارة.
الثانية : فإن حَرّم أَمَته أو زوجته فكفّارة يمين، كما في صحيح مسلم عن ابن عباس قال : إذا حَرَّم الرجل عليه امرأته، فهي يمين يكفّرها.
وقال : لقد كان لكم في رسول الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.
الثالثة : قيل : إن النبيّ ﷺ كفّر عن يمينه.
وعن الحسن : لم يكفّر، لأن النبيّ ﷺ قد غُفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، وكفارة اليمين في هذه السورة إنما أمر بها الأمّة.
والأوّل أصح، وأن المراد بذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم.
ثم إن الأمّة تقتدي به في ذلك.
وقد قدّمنا عن زيد بن أسلم أنه عليه السلام كفّر بعتق رقبة.
وعن مقاتل أن رسول الله ﷺ أعتق رقبة في تحريم مارية.
والله أعلم.
وقيل : أي قد فرض الله لكم تحليل مِلْك اليمين، فبيّن في قوله تعالى :﴿ مَّا كَانَ عَلَى النبي مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ الله لَهُ ﴾ [ الأحزاب : ٣٨ ] أي فيما شرعه له في النساء المحلّلات.
أي حلّل لكم مِلك الأيمان، فلِم تُحَرّم مارية على نفسك مع تحليل الله إياها لك.
وقيل : تحِلّة اليمين الاستثناء، أي فرض الله لكم الاستثناء المخرج عن اليمين.
ثم عند قوم يجوز الاستثناء من الأيمان متى شاء وإن تحلّل مدّة.
وعند المُعْظَم لا يجوز إلا متصلاً، فكأنه قال : استثن بعد هذا فيما تحلف عليه.
وتَحِلة اليمين تَحليلُها بالكفارة، والأصل تحللة، فأدغمت.
وتفعلة من مصادر فَعّل ؛ كالتّسمية والتّوصية.
فالتَّحِلّة تحليل اليمين.
فكأن اليمين عَقْد والكفّارة حلّ.


الصفحة التالية
Icon