ولما كانت هذه السورة لتشريف النبي ـ ﷺ ـ وتكميل نسائه في الدنيا والآخرة، نص على المقصود بتذكير الضمير ولم يؤنثه قطعاً للسان من يقول تعنتاً : إن المراد نفخ روحها في جسدها :﴿فيه﴾ أي فرجها الحقيقي وهو جيبها وكل جيب يسمى فرجاً، ويدل على الأول قراءة " فيها " شاذة ﴿من روحنا﴾ أي روح هو أهل لشرفه بما عظمنا من خلقه ولطف تكوينه أن يضاف إلينا لكونه خارجاً عن التسبيب المعتاد وهو جبريل عليه الصلاة والسلام أو روح الحياة.
ولما كان التقدير : فكان ما أردنا، فحملت من غير ذكر ولدت عيسى عليه الصلاة والسلام الذي كان من كلمتنا وهي " احملي " ثم كلمتنا " كن يا حمل من غير ذكر " ثم كلمتنا " لديه يا مريم من غير مساعد " ثم كلمتنا " تكلم عيسى في المهد بالحكمة " عطف عليه قوله :﴿وصدقت﴾ فاستحقت لذلك أن تسمى صديقة ﴿بكلمات ربها﴾ أي المحسن إليها بما تقدم وغيره مما كان من كلام جبريل عليه الصلاة والسلام بسببه ومن عيسى عليه الصلاة والسلام ومما تكلم به عن الله سبحانه وتعالى ﴿وكتبه﴾ أي وكتابه الضابط الجامع لكلامه أنزل على ولدها وغيره من كتب الله كما دل على ذلك قراءة البصريين وحفص بالجمع.