المسألة الخامسة :
ارتفعت ( أي ) بالابتداء ولا يعمل فيها ما قبلها لأنها على أصل الاستفهام فإنك إذا قلت : لا أعلم أيكم أفضل كان المعنى لا أعلم أزيد أفضل أم عمرو، واعلم أن مالا يعمل فيما بعد الألف فكذلك لا يعمل في ( أي ) لأن المعنى واحد، ونظير هذه الآية قوله :﴿سَلْهُمْ أَيُّهُم بذلك زَعِيمٌ﴾ [ القلم : ٤٠ ] وقد تقدم الكلام فيه.
المسألة السادسة :
ذكروا في تفسير ﴿أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ وجوهاً : أحدها : أن يكون أخلص الأعمال وأصوبها لأن العمل إذا كان خالصاً غير صواب لم يقبل، وكذلك إذا كان صواباً غير خالص فالخالص أن يكون لوجه الله، والصواب أن يكون على السنة وثانيها : قال قتادة : سألت رسول الله ﷺ فقال :
" يقول أيكم أحسن عقلاً " ثم قال :" أتمكم عقلاً أشدكم لله خوفاً وأحسنكم فيما أمر الله به ونهى عنه نظراً "، وإنما جاز أن يفسر حسن العمل بتمام العقل لأنه يترتب على العقل، فمن كان أتم عقلاً كان أحسن عملاً على ما ذكر في حديث قتادة وثالثها : روي عن الحسن أيكم أزهد في الدنيا وأشد تركاً لها، واعلم أنه لما ذكر حديث الابتلاء قال بعده :﴿وَهُوَ العزيز الغفور﴾ أي وهو العزيز الغالب الذي لا يعجزه من أساء العمل، الغفور لمن تاب من أهل الإساءة.