وقال القرطبى :
﴿ تَبَارَكَ ﴾ تفاعل من البركة.
وقد تقدّم.
وقال الحسن : تقدّس.
وقيل دام.
فهو الدائم الذي لا أوّل لوجوده ولا آخر لدوامه.
﴿ الذي بِيَدِهِ الملك ﴾ أي ملك السموات والأرض في الدنيا والآخرة.
وقال ابن عباس : بيده الملك يُعِزّ من يشاء ويُذِلّ من يشاء، ويُحيي ويميت، ويُغني ويفقِر، ويُعطي ويمنع.
وقال محمد بن إسحاق : له ملك النبوّة التي أعزّ بها من اتبعه وذلّ بها من خالفه.
﴿ وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ من إنعام وانتقام.
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢)
فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى :﴿ الذي خَلَقَ الموت والحياة ﴾ قيل : المعنى خلقكم للموت والحياة ؛ يعني للموت في الدنيا والحياة في الآخرة وقدّم الموت على الحياة ؛ لأن الموت إلى القهر أقرب ؛ كما قدّم البنات على البنين فقال :﴿ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً ﴾ [ الشورى : ٤٩ ] وقيل : قدّمه لأنه أقدم ؛ لأن الأشياء في الابتداء كانت في حكم الموت كالنُّطْفَة والتراب ونحوه.
وقال قتادة : كان رسول الله ﷺ يقول :" إن الله تعالى أذلّ بني آدم بالموت وجعل الدنيا دار حياة ثم دار مَوْت وجعل الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء " وعن أبي الدَّرْداء : أن النبيّ ﷺ قال :" لولا ثلاث ما طأطأ ابن آدم رأسه الفقر والمرض والموت وإنه مع ذلك لَوَثّاب "
المسألة الثانية :﴿ الموت والحياة ﴾ قدّم الموت على الحياة، لأن أقوى الناس داعياً إلى العمل مَن نَصب موته بين عينيه ؛ فقدّم لأنه فيما يرجع إلى الغرض المسوق له الآية أهمّ قال العلماء : الموت ليس بعدم مَحْض ولا فناء صِرْف، وإنما هو انقطاع تعلّق الروح بالبدن ومفارقته، وحيلولةٌ بينهما، وتبدّلُ حال وانتقالٌ من دار إلى دار.
والحياة عكس ذلك.


الصفحة التالية
Icon