وحُكي عن ابن عباس والكَلْبي ومُقاتل : أن الموت والحياة جسمان، فجعل الموت في هيئة كبش لا يمر بشيء ولا يجد ريحه إلا مات، وخلق الحياة على صورة فرس أنثى بلْقاء وهي التي كان جبريل والأنبياء عليهم السلام يركبونها خطوتها مدّ البصر، فوق الحمار ودون البغل، لاتمرّ بشيء يجد ريحها إلا حَيِيَ، ولا تطأ على شيء إلا حَيي.
وهي التي أخذ السَّامِريّ من أثرها فألقاه على العجل فَحيي.
حكاه الثعلبيّ والقُشَيري عن ابن عباس.
والمَاوَرْدِي معناه عن مقاتل والكلبيّ.
قلت : وفي التنزيل ﴿ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الموت الذي وُكِّلَ بِكُمْ ﴾ [ السجدة : ١١ ]، ﴿ وَلَوْ ترى إِذْ يَتَوَفَّى الذين كَفَرُواْ الملائكة ﴾ [ الأنفال : ٥٠ ] ثم ﴿ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا ﴾ [ الأنعام : ٦١ ] ثم قال :﴿ الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا ﴾ [ الزمر : ٤٢ ] فالوسائط ملائِكة مكرَّمون صلوات الله عليهم.
وهو سبحانه المميت على الحقيقة، وإنَّما يُمَثَّل الموت بالكبش في الآخرة ويذبح على الصراط ؛ حسب ما ورد به الخبر الصحيح.
وما ذُكر عن ابن عباس يحتاج إلى خبر صحيح يقطع العذر.
والله أعلم.
وعن مقاتل أيضاً : خلق الموت ؛ يعني النُّطْفَة والعَلَقَة والمُضْغَة، وخلق الحياة ؛ يعني خلق إنساناً ونفخ فيه الروح فصار إنساناً.
قلت : وهذا قول حسن ؛ يدل عليه قوله تعالى :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ وتقدّم الكلام فيه في سورة "الكهف".
وقال السدّيّ في قوله تعالى :﴿ الذي خَلَقَ الموت والحياة لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ أي أكثركم للموت ذكراً وأحسن استعداداً، ومنه أشدّ خوفاً وحذراً.
وقال ابن عمر :" تلا النبيّ ﷺ ﴿ تَبَارَكَ الذي بِيَدِهِ الملك ﴾ حتى بلغ ﴿ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقال :"أوْرع عن محارم الله وأسرع في طاعة الله" "


الصفحة التالية
Icon