وقيل : معنى ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ ﴾ ليعاملكم معاملة المختبر ؛ أي ليبلُوَ العبد بموت من يَعِزّ عليه ليبيّن صبره، وبالحياة ليبيّن شكره.
وقيل : خلق الله الموت للبعث والجزاء، وخلق الحياة للآبتلاء.
فاللام في ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ ﴾ تتعلق بخلق الحياة لا بخلق الموت ؛ ذكره الزجاج.
وقال الفرّاء والزجاج أيضاً : لم تقع البَلْوَى على "أيّ" لأن فيما بين البلوى و "أيّ" إضمار فعل ؛ كما تقول : بلوتكم لأنظر أيّكم أطوع.
ومثله قوله تعالى :﴿ سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ ﴾ [ القلم : ٤٠ ] أي سلهم ثم انظر أيهم.
ف "أيُّكم" رفع بالابتداء و "أَحْسَنُ" خبره.
والمعنى : ليبلوكم فيعلم أو فينظر ( أيكم ) أحسن عملا.
﴿ وَهُوَ العزيز ﴾ في انتقامه ممن عصاه.
﴿ الغفور ﴾ لمن تاب.
قوله تعالى :﴿ الذي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً ﴾
أي بعضها فوق بعض.
والملتزق منها أطرافها ؛ كذا روي عن ابن عباس.
و﴿ طِبَاقاً ﴾ نعت ل ﴿ سَبْعَ ﴾ فهو وصف بالمصدر.
وقيل : مصدر بمعنى المطابقة ؛ أي خلق سبع سموات وطبّقها تطبيقاً أو مطابقة.
أو على طُوبقت طِباقاً.
وقال سيبويه : نصب "طباقاً" لأنه مفعول ثان.
قلت : فيكون ﴿ خَلَقَ ﴾ بمعنى جعل وصَيّر.
وطِباق جمع طَبَق ؛ مثل جَمَل وجِمال.
وقيل : جمع طبقة.
وقال أبَان بن تَغْلِب : سمعت بعض الأعراب يذم رجلاً فقال : شَرّه طباق، وخيره غير باق.
ويجوز في غير القرآن سبع سموات طباقٍ ؛ بالخفض على النعت لسموات.
ونظيره ﴿ وَسَبْعِ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ ﴾ [ يوسف : ٦ ].
﴿ مَّا ترى فِي خَلْقِ الرحمن مِن تَفَاوُتِ ﴾ قراءة حمزة والكسائي "مِن تَفَوُّتٍ" بغير ألف مشدّدة.
وهي قراءة ابن مسعود وأصحابه.
الباقون "منْ تَفَاوُتٍ" بألف.
وهما لغتان ؛ مثل التعاهد والتعهّد، والتحمّل والتحامل، والتظّهر والتظاهر، وتصاغر وتصغّر، وتضاعف وتضعّف، وتباعد وتبعّد ؛ كلّه بمعنىً.


الصفحة التالية
Icon