﴿ ءَأمِنْتُمْ مَّن فِى السماء ﴾ أي الملائكةَ الموكلينَ بتدبيرِ هذا العالمِ، أو الله سبحانَهُ على تأويلِ من في السماءِ أمرُهُ وقضاؤهُ، أو على زعمِ العربِ حيثُ كانُوا يزعمونَ أنَّه تعالَى في السماءِ أي أأمنتُم منْ تزعمُونَ أنَّهُ في السماءِ وهُو متعالٍ عن المكانِ. ﴿ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأرض ﴾ بعدَ ما جعلَهَا لكُم ذلولاً تمشون في مناكبِهَا وتأكلونَ من رزقِهِ لكفرانِكُم تلكَ النعمةَ أي يقلبُهَا ملتبسةً بكُم فيغيبكم فيهَا كما فعلَ بقارونَ وهو بدلُ اشتمالٍ مِنْ مَنْ، وقيلَ هو عَلى حذفِ الجارِّ أيْ مِنْ أنْ يخسفَ ﴿ فَإِذَا هِىَ تَمُورُ ﴾ أي تضطربُ ذهاباً ومجيئاً على خلافِ ما كانَتْ عليهِ من الذُّلِّ والاطمئنانِ ﴿ أَمْ أَمِنتُمْ مّن فِى السماء ﴾ إضرابٌ عن التهديدِ بما ذُكِرَ، وانتقالٌ إلى التهديدِ بوجهٍ آخرَ، أيْ بلْ أأمنتُم مَنْ في السَّماءِ ﴿ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصبا ﴾ أي حجارةً من السماءِ كما أرسلَها على قومِ لوطٍ وأصحابِ الفيلِ، وقيلَ ريحاً فيها حجارةٌ وحصباءُ كأنَّها تقلعُ الحصباءَ لشدَّتِهَا وقوتِهَا وقيلَ هي سحابٌ فيها حجارةٌ ﴿ فَسَتَعْلَمُونَ ﴾ عن قريبٍ ألبتةَ ﴿ كَيْفَ نَذِيرِ ﴾ أي إنذارِي عندَ مُشاهدتِكُم للمنذَرِ بهِ ولكنْ لا ينفعكُم العلمُ حينئذٍ. وقُرِىءَ فسيعلمُونَ بالياءِ ﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ الذين مِن قَبْلِهِمْ ﴾ أي من قبلِ كفارِ مكةَ من كفارِ الأممِ السَّالفةِ كقومِ نوحٍ وعادٍ وأضرابِهِم. والالتفاتُ إلى الغيبةِ لإبرازِ الإعراضِ عنهُم ﴿ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴾ أي إنكارِي عليهِم بإنزالِ العذابِ أي كانَ على غايةِ الهولِ والفظاعةِ وهذا هو موردُ التأكيدِ القسَمِي لا تكذيبُهُم فقطْ، وفيهِ من المبالغةِ في تسليةِ رسولِ الله ﷺ وتشديدِ التهديدِ لقومِهِ ما لا يَخْفَى. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٩ صـ ﴾