واعلم أن هذا عذابهم في الدنيا "وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ" ٥ في الآخرة وهو النار المتأججة المتوقدة يحرق فيها كل كافر متمرد من الشياطين "وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ" من الإنس والجن "عَذابُ جَهَنَّمَ" بصلونها "وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" ٦ مصير الكفرة من الفريقين الذين "إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها" لكل من السعير وجهنم وسائر طبقات النار الخاصتين بهذين الصفتين ومن ماثلهم "شَهِيقاً" هو أول نهيق الحمار "وَهِيَ تَفُورُ" ٧ بهم فوران الماء بالجب
القليل، أرأيت كيف ترفعه وتخفضه الفورة فهم كذلك فيها "تَكادُ تَمَيَّزُ" تنقطع وتنفصل أعضاؤهم وأمعاؤهم بعضها عن بعض "مِنَ" شدة "الْغَيْظِ" عليهم والحنق من شدة الفوران لو لا قوله تعالى (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) الآية ٥٥ من سورة النساء في ج ٣، وقد شبه اشتعال النار بكفرة الإنس والجن في قوة تأثيرها فيهم وإيصالها الضرر إليهم باغتياظ المغتاظ على غيره المبالغ في إيصال الضرر إليه، فاستعير اسم الغيظ لذلك الاستعمال استعارة تصريحية، واللّه يعلم كيف يصوغ الألفاظ إلى المعاني وكيف يجعلها في قوالب لائقة لمعاني بالغة "كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ" جماعة كثيرة جدا أكثر من فوج أهل الدنيا كما أن الآخرة أكبر منها "سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها" أي سأل خزنة جهنم ذلك الفوج، وقد بين اللّه تعالى صفة هذا السؤال بقوله عز قوله "أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ" ٨ يخوفكم عذاب هذه النار ؟