فأجابوا معترفين "قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ" أكدوا جوابهم بقد المفيدة للتحقيق لشدة تحسرهم على ما فلتهم من السعادة وكثرة تأثرهم على ما لحقهم من الشقاء "فَكَذَّبْنا" ما ذكره لنا ولم نلتفت إلى رشده ونصحه "وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْ ءٍ" مما تقول ونسبناه للسحر والكهانة والكذب والافتراء و(من) هنا يسمونها الزائدة على أن القران لا زائد فيه وهي هنا كأمثالها تأتي للتأكيد ويشترط أن يتقدمها النفي وأن تكون الكلمة الداخلة عليها نكرة كما هنا تدبر، وقلنا المرسل "إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ" ٩ وخطأ عظيم لأنكم أتيتمونا بما لا نعلمه ولم نسمعه في آبائنا "وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ" كلام الرسل "أَوْ نَعْقِلُ" ما وعظونا به "ما كُنَّا" الآن "فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ" ١٠ تفيد هذه الآية أن مدار التكليف على أدلة السمع والعقل وهو كذلك لأنهما حجتان ملزمتان للعبد عند ربه
"فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ" الذي جعلهم في جملة أصحاب جهنم "فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ" ١١ وطردا عن رحمة اللّه تعالى وكرامته، وكلمة سحقا لم تكرر في القرآن أي سحقهم اللّه سحقا، قال الشاعر :
بجول بأطراف البلاد مغربا وتسحقه ريح الصبا كل مسحق
قال تعالى "إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ" من حيث لم يروه ولم يشاهدوا عذابه وآمنوا بما أخبرهم رسله "لَهُمْ مَغْفِرَةٌ" لذنوبهم عنده جزاء إيمانهم به وبما جاء في كتابه وذكرته رسله من غير معاينة "وَأَجْرٌ كَبِيرٌ" ١٢ على ذلك وعلى أعمالهم الصالحة التي دعموا بها إيمانهم.