وبعد أن ذكر جل ذكره ما للفريقين في الآخرة التفت إلى المشركين الذين كانوا ينالون من حضرة الرسول فأنزل فيهم قوله العظيم "وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ" أيها الكفرة في حق الرسول "أَوِ اجْهَرُوا بِهِ" فهو على حد سواء عند اللّه "إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ" ١٣ ودخائلها وما خبىء فيها مما حدث أو سيحدث، ثم أكد قوله بقوله "أَ لا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ" الخلق ما يقوله خلقه، وهذا استفهام إنكاري ونفي لعدم إحاطة علمه تعالى الواقع من قبل خلقه، أي ألا يعلم ذلك من أوجد جميع الموجودات بحكمته التي هم من جملتها ؟ بلى يعلم بكل ما يقع في ملكه "وَهُوَ" أي ذلك البليغ علمه هو "اللَّطِيفُ" العالم بدقائق الأشياء "الْخَبِيرُ" ١٤ بحقائقها.
ثم طفق يعدد نعمه على عباده بقوله عز قوله "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا" بحيث سهلها وجعلها صالحة لا يمتنع المشي عليها بأن يسّر وعرها وحزنها وغليظها وأوديتها وجبالها "فَامْشُوا فِي مَناكِبِها" في جوانبها وفجاجها لبرزق والنزهة والزيارة "وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ" المخلوق لكم فيها أيها الناس في هذه الدنيا "وَإِلَيْهِ النُّشُورُ" ١٥ في الآخرة من القبور إلى المحشر.


الصفحة التالية
Icon