اعلم أنه تعالى استدل بأحوال الحيوانات أولاً ثم بصفات الإنسان ثانياً وهي السمع والبصر والعقل، ثم بحدوث ذاته ثالثاً وهو قوله :﴿هُوَ الذى ذَرَأَكُمْ فِى الأرض﴾ واحتج المتكلمون بهذه الآية على أن الإنسان ليس هو الجوهر المجرد عن التحيز والكمية على ما يقوله الفلاسفة وجماعة من المسلمين لأنه قال :﴿قُلْ هُوَ الذى ذَرَأَكُمْ فِى الأرض﴾ فبين أنه ذرأ الإنسان في الأرض، وهذا يقتضي كون الإنسان متحيزاً جسماً، واعلم أن الشروع في هذه الدلائل إنما كان لبيان صحة الحشر والنشر ليثبت ما ادعاه من الابتلاء في قوله :﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ العزيز الغفور﴾ [ الملك : ٢ ] ثم لأجل إثبات هذا المطلوب، ذكر وجوهاً من الدلائل على قدرته، ثم ختمها بقوله :﴿قُلْ هُوَ الذى ذَرَأَكُمْ فِى الأرض﴾ ولما كانت القدرة على الخلق ابتداء توجب القدرة على الإعادة لا جرم قال بعده :﴿وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ فبين بهذا أن جميع ما تقدم ذكره من الدلائل إنما كان لإثبات هذا المطلوب.
واعلم أنه تعالى لما أمر محمداً ﷺ بأن يخوفهم بعذاب الله حكى عن الكفار شيئين أحدهما : أنهم طالبوه بتعيين الوقت. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣٠ صـ ٦٤ ـ ٦٥﴾


الصفحة التالية
Icon