﴿ أَمَّنْ يَمْشِى سَوِيّاً ﴾ أي قائماً سالماً من الخبطِ والعثارِ ﴿ على صراط مُّسْتَقِيمٍ ﴾ مستوِي الأجزاءِ لا عوجَ فيهِ ولا انحرافَ قيلَ خبرٌ من الثانيةِ محذوفٌ لدلالةِ خبرِ الأُولَى عليهِ ولا حاجةَ إلى ذلكَ فإنَّ الثانيةَ معطوفةٌ على الأُولى عطفَ المفردِ كقولِكَ أزيدٌ أفضلُ أم عمروٌ وقيل أُريدَ بالمكبِّ الأَعْمَى وبالسويِّ البصيرُ وقيلَ من يمشِي مُكباً هو الذي يُحشرُ على وجهِهِ إلى النَّارِ ومَنْ يمشِي سوياً الذي يُحشرُ على قدميهِ إلى الجنَّةِ ﴿ قُلْ هُوَ الذى أَنشَأَكُمْ ﴾ إنشاءً بديعاً ﴿ وَجَعَلَ لَكُمُ السمع ﴾ لتسمعُوا آياتِ الله وتمتثلُوا بما فيهَا من الأوامرِ والنواهِي وتتعظُوا بمواعظِهَا ﴿ والأبصار ﴾ لتنظرُوا بها إلى الآياتِ التكوينيةِ الشاهدةِ بشؤون الله عزَّ وجلَ ﴿ والأفئدة ﴾ لتتفكرُوا بهَا فيمَا تسمعونَهُ وتشاهدونَهُ من الآياتِ التنزيليةِ والتكوينيةِ وترتقُوا في معارجِ الإيمانِ والطاعةِ ﴿ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ﴾ أي باستعمالِهَا فيما خُلقتْ لأجله من الأمورِ المذكورةِ. وقليلاً نعتٌ لمحذوفٍ وما مزيدةٌ لتأكيدِ القلةِ أي شكراً قليلاً أو زماناً قليلاً تشكرونَ، وقيلَ القلةُ عبارةٌ عن العدمِ ﴿ قُلْ هُوَ الذى ذَرَأَكُمْ فِى الأرض ﴾ أي خلقكُم وكثركُم فيهَا لا غيرُهُ ﴿ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ للجزءِ لا إلى غيرِهِ اشتراكاً أو استقلالاً فابنُوا أمورَكُم على ذلكَ ﴿ وَيَقُولُونَ ﴾ من فرطِ عُتوِّهم وعنادِهِم ﴿ متى هذا الوعد ﴾ أيِ الحشرُ الموعودُ كما ينبىءُ عنهُ قولُه تعالَى :﴿ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ ﴿ إِن كُنتُمْ صادقين ﴾ يخاطبونَ بهِ النبيَّ ﷺ والمؤمنينَ حيثُ كانُوا مشاركينَ لهُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ في الوعدِ وتلاوةِ الآياتِ المتضمنةِ له وجوابُ الشرطِ محذوفٌ أي إنْ كنتُم صادقينَ فيما تخبرونَهُ من مجىءِ الساعةِ والحشرِ فبيِّنُوا وقتَهُ.


الصفحة التالية
Icon