وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٢) ﴾
ضرب سبحانه مثلاً للمشرك والموحد لإيضاح حالهما وبيان مآلهما، فقال :﴿ أَفَمَن يَمْشِى مُكِبّاً على وَجْهِهِ أهدى ﴾ والمكبّ والمنكبّ : الساقط على وجهه، يقال : كببته فأكبّ وانكبّ.
وقيل : هو الذي يكب رأسه، فلا ينظر يميناً ولا شمالاً ولا أماماً، فهو لا يأمن العثور والانكباب على وجهه.
وقيل : أراد به الأعمى الذي لا يهتدي إلى الطريق، فلا يزال مشيه ينكسه على وجهه.
قال قتادة : هو الكافر يكبّ على معاصي الله في الدنيا فيحشره الله يوم القيامة على وجهه.
والهمزة للاستفهام الإنكاري أي : هل هذا الذي يمشي على وجهه أهدى إلى المقصد الذي يريده؟ ﴿ أَمَّن يَمْشِى سَوِيّاً ﴾ معتدلاً ناظراً إلى ما بين يديه ﴿ على صراط مُّسْتَقِيمٍ ﴾ أي : على طريق مستوي لا اعوجاج به ولا انحراف فيه، وخبر "من" محذوف لدلالة خبر "من" الأولى، وهو أهدى عليه، وقيل : لا حاجة إلى ذلك ؛ لأن "من" الثانية معطوفة على "من" الأولى عطف المفرد على المفرد، كقولك : أزيد قائم أم عمرو؟ وقيل : أراد بمن يمشي مكباً على وجهه من يحشر على وجهه إلى النار، ومن يمشي سوياً من يحشر على قدميه إلى الجنة، وهو كقول قتادة الذي ذكرناه، ومثله قوله :﴿ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ القيامة على وُجُوهِهِمْ ﴾ [ الإسراء : ٩٧ ].