حدثني زرارة بن كريم بن الحارث بن عمرو السهمي، أن الحارث بن عمرو السهمي حدثه قال : أتيت النبي وهو بمنى أو بعرفات، وقد أطاف به الناس، ويجيء الأعراب فإذا رأوا وجهه قالوا : هذا وجه مبارك، قلت يا رسول الله استغفر لي، فقال :
اللَّهمّ اغفر لنا، فدرت فقلت : استغفر لي فقال : اللَّهمّ اغفر لنا، فدرت فقلت استغفر لي فقال : اللَّهمّ أغفر لنا، فذهب بيده بزاقه ومسح به نعله، كره أن يصيب أحدا من حوله.
وخرّج الحاكم من حديث محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن عمر ابن عبد العزيز عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه قال : كان رسول الله إذا جلس يتحدث كثيرا يرفع طرفه إلى السماء.
وفي الصحيحين من حديث الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : ما عاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طعاما قط، إن اشتهاه أكله، وإلا تركه [١].
وخرّج البخاري في كتاب الأدب من حديث ابن وهب، أخبرنا عمرو أن أبا النضر حدثه عن سليمان بن يسار عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم مستجمعا قط ضاحكا حتى أرى منه لهواته، إنما كن يتبسم [٢].
وخرج مسلم بنحوه.
وخرّج مسلم من حديث يحيى بن يحيى أخبرنا أبو خيثمة عن سماك بن حرب قال : قلت لجابر بن سمرة : أكنت تجالس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ؟ قال نعم، كثيرا ما كان لا يقوم من مصلاه الّذي يصلّى فيه الصبح حتى تطلع الشمس. فإذا طلعت قام، وكانوا يتحدثون ويأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون ويبتسم صلّى الله عليه وسلّم [٣].
[١] أخرجه البخاري في المناقب باب صفة النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومسلم في الأشربة باب لا يعيب الطعام، والترمذي في البر باب ترك العيب للنعمة وقال : حسن صحيح، وابن ماجة في الأطعمة باب النهي أن يعاب الطعام، وأبو داود كتاب الأطعمة باب كراهية ذمّ الطعام ولفظه :«ما عاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طعاما قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه».
[٢] (صحيح البخاري حاشية السندي) ج ٤ ص ٦٤ من كتاب الأدب.
[٣] (مسلم بشرح النووي) ج ١٥ ص ٧٩، ولفظه :«فيأخذون في أمر الجاهلية» وفيه : استحباب الذكر بعد الصبح وملازمة مجلسها ما لم يكن عذر وفيه جواز الحديث بأخبار الجاهلية وغيرها من الأمم، وجواز الضحك، والأفضل الاقتصار على التبسم كما فعله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في عامة أوقاته.