أم سليم يتيمة - وهي أم أنس - فرأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اليتيمة فقال : أأنت هيه [١]، لقد كبرت لا كبر سنّك، فرجعت اليتيمة إلى أم سليم تبكي، فقالت أم سليم : ما لك يا منيّمة ؟ قالت الجارية : دعا [٢] عليّ نبي الله ألا يكبر سني! فالآن لا يكبر سني أبدا، أو قالت : قرني، فجرت أم سليم مستعجلة تلوث خمارها حتى لقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال لها : ما لك يا أم سليم ؟ فقالت : يا نبي الله ؟ أدعوت علي يتيمتي ؟ قال : وما ذاك يا أم سليم ؟ قالت : زعمت أنك دعوت عليها أن لا يكبر سنها ولا يكبر قرنها، قال [٣] : فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم قال : يا أم سليم، أما تعلمين أن شرطي على ربي أني اشترطت على ربي فقلت : إنما أنا بشر، أرضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر : فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها [٤] له طهورا وزكاة وقربة يقربها [٥] بها يوم القيامة. انفرد بإخراجه مسلم [٦].
وخرّج الإمام أحمد [٧] من حديث ابن أبي ذؤيب قال : حدثني محمد بن عمر ابن عطاء عن ذكوان مولى عائشة عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخلت على النبي صلّى الله عليه وسلّم بأسير فلهوت عنه فذهب : فجاء النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال : ما فعل الأسير ؟
قالت : لهوت عنه مع النسوة فخرج، فقال : ما لك ؟ قطع الله يدك! فخرج فأذن به الناس فطلبوه، فجاء به فدخل عليّ وأنا أقلب يدي فقال : أجننت! قلت :
دعوت عليّ فأنا أقلب يدي انظر أيهما يقطعان، فحمد الله وأثنى عليه ثم رفع يديه مدا وقال : اللَّهمّ إني بشر، أغضب كما يغصب البشر، فأيما مؤمن أو مؤمنة دعوت عليه فاجعله له زكاة وطهورا. وله من حديث محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة أن عائشة قالت : إن أمداد

_
[١] بفتح الباء وإسكان الهاء وهي هاء السكت.
[٢] في (خ) «و هي».
[٣] في (خ) «قالت».
[٤] في (خ) «تجعلها».
[٥] في (خ) «نقربه».
[٦] (مسلم بشرح النووي) ج ١٦ ص ١٥٤، ١٥٥، انظر أيضا :(سنن أبي داود) ج ٥ ص ٤٥، ٤٦ حديث رقم ٤٦٥٩ وفيه :«أيما رجل من أمتي سببته أو لعنته لعنة في غضبي فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون، وإنما بعثني رحمة للعالمين فأجعلها عليهم صلاة يوم القيامة».
[٧] (مسند أحمد ابن حنبل) ج ٢ ص ٣٩٠، ٤٨٨، ٤٩٦، ج ٣ ص ٣٣٣، ٣٨٤، ٣٩١، ٤٠٠، ج ٥ ص ٤٣٧، ٤٣٩، ج ٦ ص ٤٥.


الصفحة التالية
Icon