وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قَالَ أَوْسَطُهُمْ ﴾
أي أمثلهم وأعدلهم وأعقلهم.
﴿ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ ﴾ أي هلاّ تستثنون.
وكان استثناؤهم تسبيحاً ؛ قاله مجاهد وغيره.
وهذا يدل على أن هذا الأوسط كان أمرهم بالاستثناء فلم يطيعوه.
قال أبو صالح : كان استثناؤهم سبحان الله.
فقال لهم : هَلاّ تسبحون الله ؛ أي تقولون سبحان الله وتشكرونه على ما أعطاكم.
قال النّحاس : أصل التسبيح التنزيهُ لِلّه عز وجل ؛ فجعل مجاهد التسبيح في موضع إن شاء الله ؛ لأن المعنى تنزيه الله عز وجل أن يكون شيء إلا بمشيئته.
وقيل : هَلاّ تستغفرونه من فعلكم وتتوبون إليه من خُبْث نيّتكم ؛ فإن أوسطهم قال لهم حين عزموا على ذلك وذكّرهم انتقامه من المجرمين ﴿ قَالُواْ سُبْحَانَ رَبِّنَآ ﴾ اعترفوا بالمعصية ونزّهوا الله عن أن يكون ظالماً فيما فعل.
قال ابن عباس في قولهم :﴿ سُبْحَانَ رَبِّنَآ ﴾ أي نستغفر الله من ذنبنا.
﴿ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ لأنفسنا في منعنا المساكين.
﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ ﴾ أي يلوم هذا هذا في القسم ومنع المساكين، ويقول : بل أنت أشرت علينا بهذا.
﴿ قَالُواْ ياويلنا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ﴾ أي عاصين بمنع حق الفقراء وترك الاستثناء.
وقال ابن كَيْسَان : طغينا نعم الله فلم نشكرها كما شكرها آباؤنا من قبل.
﴿ عسى رَبُّنَآ أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَآ ﴾ تعاقدوا وقالوا : إن أبدلنا الله خيراً منها لنصنعنّ كما صنعت آباؤنا ؛ فدعوا الله وتضرعوا فأبدلهم الله من ليلتهم ما هو خير منها، وأمر جبريل أن يقتلع تلك الجنة المحترقة فيجعلها بزُغر من أرض الشام، ويأخذ من الشام جنة فيجعلها مكانها.
وقال ابن مسعود : إن القوم أخلصوا وعرف الله منهم صدقهم فأبدلهم جنة يقال لها الحيوان، فيها عنب يحمل البغل منها عنقوداً واحداً.


الصفحة التالية
Icon