وقال اليمانيّ أبو خالد : دخلت تلك الجنة فرأيت كل عنقود منها كالرجل الأسود القائم.
وقال الحسن : قول أهل الجنة ﴿ إِنَّآ إلى رَبِّنَا رَاغِبُونَ ﴾ لا أدري إيماناً كان ذلك منهم، أو على حدّ ما يكون من المشركين إذا أصابتهم الشدة ؛ فيوقف في كونهم مؤمنين.
وسئل قتادة عن أصحاب الجنة : أهم من أهل الجنة أم من أهل النار؟ فقال : لقد كلفتني تعباً.
والمعظم يقولون : إنهم تابوا وأخلصوا ؛ حكاه القشيريّ.
وقراءة العامة "يُبْدِلنَا" بالتخفيف.
وقرأ أهل المدينة وأبو عمرو بالتشديد، وهما لغتان.
وقيل : التبديل تغيير الشيء أو تغيير حاله وعين الشيء قائم.
والإبدال رفع الشيء ووضع آخر مكانه.
وقد مضى في سورة "النساء" القول في هذا.
قوله تعالى :﴿ كَذَلِكَ العذاب ﴾ أي عذاب الدنيا وهلاك الأموال ؛ عن ابن زيد.
وقيل : إن هذا وَعْظٌ لأهل مكة بالرجوع إلى الله لما ابتلاهم بالجَدْب لدعاء النبيّ ﷺ، أي كفِعْلنا بهم نفعل بمن تعدّى حدودنا في الدنيا ﴿ وَلَعَذَابُ الاخرة أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ﴾ وقال ابن عباس : هذا مَثَلٌ لأهل مكة حين خرجوا إلى بَدْرٍ وحلفوا ليقتلن محمداً ﷺ وأصحابه، وليرجعنّ إلى مكة حتى يطوفوا بالبيت ويشربوا الخمر، وتضرب القَيْنات على رؤوسهم ؛ فأخلف الله ظنهم وأُسِرُوا وقُتلوا وانهزموا كأهل هذه الجنة لما خرجوا عازمين على الصِرَّام فخابوا.
ثم قيل : إن الحق الذي منعه أهل الجنة المساكين يحتمل أنه كان واجباً عليهم، ويحتمل أنه كان تطوعاً ؛ والأول أظهر، والله أعلم.
وقيل : السورة مَكّية ؛ فَبُعَد حمل الآية على ما أصاب أهل مكة من القَحْط، وعلى قتال بَدْر. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٨ صـ ﴾