﴿ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴾ قالُوه بعد ما تأملُوا ووفقُوا على حقيقةِ الأمرِ مُضربينَ عن قولِهِم الأولِ، أي لسنا ضالينَ بل نحنُ محرومونَ حُرِمنَا خيرَهَا بجنايتِنَا على أنفسِنَا ﴿ قَالَ أَوْسَطُهُمْ ﴾ أي رأياً أو سِناً ﴿ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبّحُونَ ﴾ لولا تذكرونَ الله تعالَى وتتوبونَ إليهِ من خُبثِ نيتِكُم وقد كانَ قالَ لهم حينَ عزمُوا على ذلكَ اذكرُوا الله وتوبُوا إليهِ عن هذهِ العزيمةِ الخبيثةِ من فورِكُم وسارِعُوا إلى حسمِ شرِّها قبلَ حُلولِ النقمةِ فعَصُوه فعيَّرهُم، كمَا ينبىءُ عنهُ قولُه تعالَى :﴿ قَالُواْ سبحان رَبّنَا إِنَّا كُنَّا ظالمين ﴾ وقيلَ المرادُ بالتسبيحِ الاستثناءُ لاشتراكهِما في التعظيمِ أو لأنَّه تنزيهٌ لهُ تعالَى عن أنْ يجريَ في ملكِهِ ما لا يشاؤُه ﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يتلاومون ﴾ أي يلومُ بعضُهم بعضاً فإنَّ منهُم مَن أشارَ بذلكَ ومنهُم من استصوبَهُ ومنهُم من سكتَ راضياً بهِ ومنهُم من أنكرَهُ ﴿ قَالُواْ ياويلنا إِنَّا كُنَّا طاغين ﴾ متجاوزينَ حدودَ الله ﴿ عسى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا ﴾ وقُرِىءَ بالتشديدِ أي يُعطينا بدلاً منها ببركةِ التوبةِ والاعترافِ بالخطيئةِ. ﴿ خَيْراً مّنْهَا إِنَّا إلى رَبّنَا راغبون ﴾ راجونَ العفوَ طالبونَ الخيرَ. وإلى لانتهاءِ الرغبةِ، أو لضمنِهَا مَعْنَى الرجوعِ. عن مُجَاهدٍ تابوا فأُبدِلُوا خَيراً منهَا، ورُويَ أنَّهم تعاقَدُوا وقالُوا إنْ أبدلنَا الله خيراً منها لنصنعنَّ كما صنعَ أبُونا فدَعَوا الله تعالَى وتضرعُوا إليهِ فأبدَلهُم الله تعالَى من ليلتِهِم ما هو خيرٌ منها، قالُوا إنَّ الله تعالَى أمرَ جبريلَ عليهِ السَّلامُ أنْ يقتلعَ تلكَ الجنةَ المحترقةَ فيجعلَهَا بِزُغَرَ من أرضِ الشامِ ويأخذَ من الشامِ جنةً فيجعلَهَا مكانَهَا، وقالَ ابنُ مسعودٍ رضيَ الله تعالَى عنهُ إنَّ القومَ لمَّا