وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
قوله :﴿ إِنَّا بلوناهم ﴾
يعني : كفار مكة، فإن الله ابتلاهم بالجوع والقحط بدعوة رسول الله ﷺ عليهم، والابتلاء الاختبار، والمعنى : أعطيناهم الأموال ليشكروا لا ليبطروا، فلما بطروا ابتليناهم بالجوع والقحط ﴿ كَمَا بَلَوْنَا أصحاب الجنة ﴾ المعروف خبرهم عندهم، وذلك أنها كانت بأرض اليمن على فرسخين من صنعاء لرجل يؤدّي حق الله منها، فمات، وصارت إلى أولاده، فمنعوا الناس خيرها وبخلوا بحقّ الله فيها.
قال الواحدي : هم قوم من ثقيف كانوا باليمن مسلمين ورثوا من أبيهم ضيعة فيها جنات وزرع ونخيل، وكان أبوهم يجعل مما فيها من كل شيء حظاً للمساكين عند الحصاد والصرام، فقالت بنوه : المال قليل والعيال كثير، ولا يسعنا أن نفعل كما كان يفعل أبونا، وعزموا على حرمان المساكين، فصارت عاقبتهم إلى ما قصّ الله في كتابه.
قال الكلبي : كان بينهم وبين صنعاء فرسخان ابتلاهم الله بأن حرق جنتهم.
وقيل : هي جنة كانت بصوران، وصوران على فراسخ من صنعاء، وكان أصحاب هذه الجنة بعد رفع عيسى بيسير ﴿ إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ﴾ أي : حلفوا ليقطعنها داخلين في وقت الصباح، والصرم القطع للثمر والزرع، وانتصاب ﴿ مُّصْبِحِينَ ﴾ على الحال من فاعل ليصرمنها، والكاف في :﴿ كَمَا بَلَوْنَا ﴾ نعت مصدر محذوف أي : بلوناهم ابتلاء كما بلونا، وما مصدرية، أو بمعنى الذي، وإذ ظرف لبلونا منتصب به، وليصرمنها جواب القسم ﴿ وَلاَ يَسْتَثْنُونَ ﴾ يعني : ولا يقولون إن شاء الله، وهذه الجملة مستأنفة لبيان ما وقع منهم أو حال.
وقيل المعنى : ولا يستثنون للمساكين من جملة ذلك القدر الذي كان يدفعه أبوهم إليهم، قاله عكرمة.


الصفحة التالية
Icon