﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ ﴾ أي : طاف على تلك الجنة طائف من جهة الله سبحانه، والطائف قيل : هو نار أحرقتها حتى صارت سوداء، كذا قال مقاتل.
وقيل : الطائف جبريل اقتلعها، وجملة ﴿ وَهُمْ نَائِمُونَ ﴾ في محل نصب على الحال ﴿ فَأَصْبَحَتْ كالصريم ﴾ أي : كالشيء الذي صرمت ثماره أي : قطعت، فعيل بمعنى مفعول، وقال الفرّاء : كالصريم كالليل المظلم، ومنه قول الشاعر :
تطاول ليلك الجون الصريم... فما ينجاب عن صبح بهيم
والمعنى : أنها حرقت فصارت كالليل الأسود، قال : والصريم الرماد الأسود بلغة خزيمة.
وقال الأخفش : أي كالصبح انصرم من الليل، يعني : أنها يبست وابيضت.
وقال المبرد : الصريم الليل، والصريم النهار أي : ينصرم هذا عن هذا، وذاك عن هذا، وقيل : سمي الليل صريماً لأنه يقطع بظلمته عن التصرّف، وقال المؤرج : الصريم الرملة ؛ لأنها لا يثبت عليها شيء ينتفع به، وقال الحسن : صرم منها الخير أي : قطع ﴿ فَتَنَادَوْاْ مُصْبِحِينَ ﴾ أي : نادى بعضهم بعضاً داخلين في الصباح.
قال مقاتل : لما أصبحوا قال بعضهم لبعض ﴿ أَنِ اغدوا على حَرْثِكُمْ ﴾ و "أن" في قوله :﴿ أَنِ اغدوا ﴾ هي المفسرة لأنّ في التنادي معنى القول، أو هي المصدرية أي : بأن اغدوا، والمراد اخرجوا غدوة، والمراد بالحرث : الثمار والزرع ﴿ إِن كُنتُمْ صارمين ﴾ أي : قاصدين للصرم، والغدوّ يتعدّى بإلى وعلى، فلا حاجة إلى تضمينه معنى الإقبال كما قيل، وجواب الشرط محذوف أي : إن كنتم صارمين فاغدوا، وقيل : معنى صارمين ماضين في العزم، من قولك سيف صارم ﴿ فانطلقوا وَهُمْ يتخافتون ﴾ أي : ذهبوا إلى جنتهم وهم يسرّون الكلام بينهم ؛ لئلا يعلم أحد بهم، يقال : خفت يخفت، إذا سكن ولم ينبس، ومنه قول دريد بن الصمة :
وإني لم أهلك ملالا ولم أمت... خفاتا وكلا ظنه بي عويمر


الصفحة التالية
Icon