فصل
قال الفخر :
واعلم أنه تعالى لما أبطل قولهم، وأفسد مقالتهم شرح بعد ذلك عظمة يوم القيامة.
فقال :﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
يوم منصوب بماذا ؟ فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه منصوب، بقوله :﴿فَلْيَأْتُواْ﴾ في قوله :﴿فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَائِهِمْ﴾ [ القلم : ٤١ ] وذلك أن ذلك اليوم يوم شديد، فكأنه تعالى قال : إن كانوا صادقين في أنها شركاء فليأتوا بها يوم القيامة، لتنفعهم ونشفع لهم وثانيها : أنه منصوب بإضمار اذكر وثالثها : أن يكون التقدير يوم يكشف عن ساق، كان كيت وكيت فحذف للتهويل البليغ، وأن ثم من الكوائن مالا يوصف لعظمته.
المسألة الثانية :
هذا اليوم الذي يكشف فيه عن ساق، أهو يوم القيامة أو في الدنيا ؟ فيه قولان : الأول : وهو الذي عليه الجمهور، أنه يوم القيامة، ثم في تفسير الساق وجوه : الأول : أنه الشدة، وروي أنه سئل ابن عباس عن هذه الآية، فقال : إذا خفي عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر، فإنه ديوان العرب، أما سمعتم قول الشاعر :
سن لنا قومك ضرب الأعناق.. وقامت الحرب بنا على ساق
ثم قال : وهو كرب وشدة وروى مجاهد عنه قال : هو أشد ساعة في القيامة، وأنشد أهل اللغة أبياتاً كثيرة ( منها ) :
فإن شمرت لك عن ساقها.. فدنها ربيع ولا تسأم
ومنها :
كشفت لكم عن ساقها.. وبدا من الشر الصراح
وقال جرير :
ألا رب سام الطرف من آل مازن.. إذا شمرت عن ساقها الحرب شمرا
وقال آخر :
في سنة قد شمرت عن ساقها.. حمراء تبرى اللحم عن عراقها
وقال آخر :
قد شمرت عن ساقها فشدوا.. وجدت الحرب بكم فجدوا