وعلى هذا من إرادة الجد والتشمير في طاعة الله تعالى، قال ﷺ :" أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ". وقرأ جمهور الناس :" يُكشَف عن ساق " بضم الياء على بناء الفعل للمفعول، وقرأ ابن مسعود :" يَكشِف " بفتح الياء وكسر الشين على معنى يكشف الله، وقرأ ابن عباس :" تُكشف " بضم التاء على معنى تكشف القيامة والشدة والحال الحاضرة، وقرأ ابن عباس أيضاً :" تَكشف " بفتح التاء على أن القيامة هي الكاشفة، وحكى الأخفش عنه أنه قرأ :" نَكشِف " بالنون مفتوحة وكسر الشين، ورويت عن ابن مسعود. وقوله تعالى :﴿ ويدعون ﴾ ظاهره أن ثم دعاء إلى السجود، وهذا يرده ما قد تقرر في الشرع من أن الآخرة ليست بدار عمل وأنها لا تكليف فيها، فإذا كان هذا فإنما الداعي ما يرونه من سجود المؤمنين فيريدون هم أن يسجدوا عند ذلك فلا يستطيعونه. وقد ذهب بعض العلماء إلى أنهم يدعون إلى السجود على جهة التوبيخ، وخرج بعض الناس من قوله :﴿ فلا يستطيعون ﴾ أنهم كانوا يستطيعونه قبل ذلك، وذلك غير لازم. وعقيدة الأشعري : أن الاستطاعة إنما تكون مع التلبس بالفعل لما قبله، وهذا القدر كاف من هذه المسألة هاهنا. و: ﴿ خاشعة ﴾ نصب على الحال وجوارحهم كلها خاشعة، أي ذليلة ولكنه خص الأبصار بالذكر لأن الخشوع فيها أبين منه في كل جارحة. وقوله تعالى :﴿ ترهقهم ذلة ﴾ أي تزعج نفوسهم وتظهر عليهم ظهوراً يخزيهم، وقوله تعالى :﴿ وقد كانوا يدعون إلى السجود ﴾ يريد في دار الدنيا وهم سالمون مما نال عظام ظهورهم من الاتصال والعتو، وقال بعض المتأولين :﴿ السجود ﴾ هنا عبارة عن جميع الطاعات، وخص ﴿ السجود ﴾ بالذكر من حيث هو عظم الطاعات، ومن حيث به وقع امتحانهم في الآخرة، وقال إبراهيم التيمي والشعبي : أراد ب ﴿ السجود ﴾ الصلوات المكتوبة، وقال ابن جبير : المعنى كانوا يسمعون النداء للصلاة : وحي على الفلاح فلا يجيبون، وفلج الربيع بن خيثم :


الصفحة التالية
Icon