ولما كان قد افتتح السورة بالنون الذي من مدلولاته الحوت، عبر به هنا تحقيقاً لإرادته فقال :﴿كصاحب﴾ أي كحال صاحب ﴿الحوت﴾ وهو يونس بن متى عليه الصلاة والسلام ﴿إذ﴾ أي حين، والعامل في هذا الظرف المضاف المحذوف من الحال ونحوها، أو يكون التقدير : لا يكن حالك كحاله يحصل لك مثل ما حصل له حين ﴿نادى﴾ أي ربه المربي له بإحاسنه في الظلمات من بطن الحوت وظلمة ما يحيط به من الجثة وظلمة لحج البحار ﴿وهو﴾ أي والحال أنه عند ندائه ﴿مكظوم﴾ أي مملوء كرباً وهماً وشدة وغماً محمول على السكوت ببطنه فهو لا ينطق من شدة حزنه، ومحبوس عن جميع ما يريد من التصرف إلى أن ألجأه سبحانه بذلك إلى الدعاء والتضرع، من الكظم، وهو السكوت عن امتلاء وتجرع للمرارات، ومن هذا كظمت السقاء أي شددته وملأته فكان مكظوماً، والمكظوم : المكروب - كأنه قد أخذ بكظمه وهو مخرج نفسه.


الصفحة التالية
Icon