وقال ابن عاشور :
﴿ الحاقة ﴾ صيغة فاعِل من : حقّ الشِيء إذا ثبت وقوعه، والهاء فيها لا تخلو عن أن تكون هاء تأنيث فتكون ﴿ الحاقة ﴾ وصفاً لموصوف مقدر مؤنث اللفظ، أو أن تكون هاء مصدر على وزن فاعلة مثل الكاذبة للكذب، والخاتمة للختم، والباقية للبقاء والطاغية للطغيان، والنافلة، والخاطئة، وأصلها تاء المرة، ولكنها لما أريد المصدر قُطع النظر عن المرة مثل كثير من المصادر التي على وزن فَعْلة غير مراد به المرة مثل قولهم ضَربة لاَزِب.
فالحاقة إذْن بمعنى الحق كما يقال "مِن حاقِّ كذا"، أي من حقه.
وعلى الوجهين فيجوز أن يكون المراد بالحاقّة المعنى الوصفي، أي حادثة تحق أو حَقٌّ يحق.
ويجوز أن يكون المراد بها لَقباً ليوم القيامة، وروي ذلك عن ابن عباس وأصحابه وهو الذي درج عليه المفسرون فلقب بذلك "يوم القيامة" لأنه يوم محقق وقوعُه، كما قال تعالى :﴿ وتنذِر يوم الجمع لا ريب فيه ﴾ الشورى : ٧ ]، أو لأنه تحق فيه الحقوق ولا يضاع الجزاء عليها، ، قال تعالى ﴿ ولا تُظلمون فتيلاً ﴾ [ النساء : ٤٩ ] وقال :﴿ فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يَره ﴾ [ الزلزلة : ٧٨ ].
وإيثار هذه المادة وهذه الصيغة يسمح باندراج معان صالحة بهذا المقام فيكون ذلك من الإِيجاز البديع لتذهب نفوس السامعين كل مذهب ممكن من مذاهب الهول والتخويف بما يحق حلوله بهم.