والخاطئة : إمّا مصدر بوزن فاعلة وهاؤه هاء المرة الواحدة فلما استعمل مصدراً قطع النظر عن المرة، كما تقدم في قوله :﴿ الحاقة ﴾ [ الحاقة : ١ ] فهو مصدر خَطِىءَ، إذا أذنب.
والذنب : الخِطْء بكسر الخاء، وإِما اسم فاعل خَطِىءَ وتأنيثه بتأويل : الفعلة ذات الخِطْء فهاؤه هاء تأنيث.
والتعريف فيه تعريف الجنس على كلا الوجهين، فالمعنى : جاء كل منهم بالذنب المستحق للعقاب.
وفرع عنه تفصيل ذنبهم المعبر عنه بالخَاطئة فقال ﴿ فعصوا رسول ربّهم ﴾ وهذا التفريع للتفصيل نظير التفريع في قوله :﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر ﴾ [ القمر : ٩ ] في أنه تفريع بيان على المبيَّن.
وضمير ( عصوا ) يجوز أن يرجع إلى ﴿ فرعون ﴾ باعتباره رأس قومه، فالضمير عائد إليه وإلى قومه، والقرينة ظاهرة على قراءة الجمهور، وإما على قراءة أبي عمرو والكسائي فالأمر أظهر وعلى هذا الاعتبار في محل ضمير ( عصوا ) يكون المراد بـ ﴿ رسول ربّهم ﴾ موسى عليه السلام.
وتعريفه بالإِضافة لما في لفظ المضاف إليه من الإِشارة إلى تخطئتهم في عبادة فرعون وجعلهم إياه إلها لهم.
ويجُوز أن يرجع ضمير ( عصوا ) إلى ﴿ فرعون ومَن قبله والمؤتفكات.
ورسول ربّهم ﴾
هو الرسول المرسل إلى كل قوم من هؤلاء.
فإفراد ﴿ رسول ﴾ مراد به التوزيع على الجماعات، أي رسول الله لكل جماعة منهم، والقرينة ظاهرة، وهو أجمل نظماً من أن يقال : فعصوا رسُل ربّهم، لما في إفراد ﴿ رسول ﴾ من التفنن في صيغ الكلم من جمع وإفراد تفادياً من تتابع ثلاثة جموع لأن صيغ الجمع لا تخلو من ثقل لقلة استعمالها وعكسه قوله في سورة الفرقان ( ٣٧ ) ﴿ وقومَ نوح لمّا كذَّبوا الرُسل أغرقناهم ﴾، وإنما كذبوا رسولاً واحداً، وقوله :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾ وما بعده في سورة الشعراء ( ١٠٥ )، وقد تقدم تأويل ذلك في موضعه.


الصفحة التالية
Icon