﴿ فِي الأيام الخالية ﴾ أي في الدنيا.
وقال :"كُلُوا" بعد قوله :﴿ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴾ لقوله :﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ ﴾ و "مَن" يتضمن معنى الجمع.
وذكر الضحاك أن هذه الآية نزلت في أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزوميّ ؛ وقاله مقاتل.
والآية التي تليها في أخيه الأسود بن عبد الأسد ؛ في قول ابن عباس والضحاك أيضاً ؛ قاله الثعلبيّ.
ويكون هذا الرجل وأخوه سبب نزول هذه الآيات.
ويعمّ المعنى جميع أهل الشقاوة وأهل السعادة ؛ يدل عليه قوله تعالى :"كُلُوا واشربوا".
وقد قيل : إن المراد بذلك كلُّ من كان متبوعاً في الخير والشر.
فإذا كان الرجل رأساً في الخير، يدعو إليه ويأمر به ويكثر تَبَعه عليه، دُعيَ باسمه واسم أبيه فيتقدّم، حتى إذا دنا أخرج له كتاب أبيض بخط أبيض، في باطنه السيئات وفي ظاهره الحسنات ؛ فيبدأ بالسيئات فيقرأها فيُشْفِق ويصفرّ وجهه ويتغيّر لونه ؛ فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه "هذه سيئاتك وقد غفرت لك" فيفرح عند ذلك فرحاً شديداً، ثم يقلب كتابَه فيقرأ حسناتِه فلا يزداد إلا فرحاً ؛ حتى إذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه "هذه حسناتك قد ضُوعفت لك" فيبيض وجهه ويُؤْتى بتاج فيوضع على رأسه، ويُكْسَى حُلَّتين، ويُحلّى كل مفصل منه ويطول ستين ذراعاً وهي قامة آدم عليه السلام ؛ ويقال له : انطلق إلى أصحابك فأخبرهم وبشّرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا.
فإذا أدبر قال :﴿ هَآؤُمُ اقرؤا كِتَابيَهْ ﴾ }.
قال الله تعالى :﴿ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴾ أي مرضيّة قد رضيها ﴿ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴾ في السماء "قُطُوفُهَا" ثمارها وعناقيدها.
"دَانَيِةٌ" أدنيت منهم.
فيقول لأصحابه : هل تعرفوني؟ فيقولون : قد غمرتك كرامة، من أنت؟ فيقول : أنا فلان بن فلان أبشّر كلَّ رجلٍ منكم بمثل هذا.
﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي الأيام الخالية ﴾ أي قدَّمتم في أيام الدنيا.