وإذا كان الرجل رأساً في الشر، يدعو إليه ويأمر به فيكثر تبعه عليه، نودي باسمه واسم أبيه فيتقدم إلى حسابه، فيخرج له كتاب أسود بخط أسود في باطنه الحسنات وفي ظاهره السيئات، فيبدأ بالحسنات فيقرأها ويظن أنه سينجو، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه "هذه حسناتك وقد رُدّت عليك" فيسودّ وجهه ويعلوه الحزن ويقنط من الخير، ثم يقلب كتابه فيقرأ سيئاته فلا يزداد إلا حزناً، ولا يزداد وجهه إلاّ سواداً، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه "هذه سيئاتك وقد ضوعفت عليك" أي يضاعف عليه العذاب.
ليس المعنى أنه يزاد عليه ما لم يعمل قال فيعظم للنار وتزرقّ عيناه ويسودّ وجهه، ويكسى سرابيل القَطِرَان ويقال له : انطلق إلى أصحابك وأخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا ؛ فينطلق وهو يقول :﴿ يا ليتني لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ياليتها كَانَتِ القاضية ﴾ يتمنىّ الموت.
﴿ هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ﴾ تفسير ابن عباس : هلكتْ عني حُجتي.
وهو قول مجاهد وعِكرمة والسدّي والضحاك.
وقال ابن زيد : يعني سلطانيه في الدنيا الذي هو المُلْك.
وكان هذا الرجل مطاعاً في أصحابه ؛ قال الله تعالى :﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ﴾ قيل : يبتدره مائة ألف مَلَك ثم تجمع يده إلى عنقه وهو قوله عز وجل :"فَغُلُّوهُ" أي شدّوه بالأغلال ﴿ ثُمَّ الجحيم صَلُّوهُ ﴾ أي اجعلوه يَصْلَى الجحيم ﴿ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً ﴾ الله أعلم بأيّ ذراع، قاله الحسن.
وقال ابن عباس : سبعون ذراعاً بذراع المَلَك.
وقال نَوْف : كل ذراع سبعون باعاً، وكل باع أبعد ما بينك وبين مكة.
وكان في رحبة الكوفة.
وقال مقاتل : لو أن حَلْقة منها وُضعت على ذُرْوة جبل لذاب كما يذوب الرّصاص.
وقال كعب : إن حَلْقة من السلسلة التي قال الله تعالى ذرعها سبعون ذراعاً أن حلقة منها مثل جميع حديدِ الدنيا.