وقال ملا حويش :
تفسير سورة الحاقة
عدد ٢٨ و٧٨ - ٦٩
نزلت بمكة بعد سورة الملك، وهي اثنتان وخمسون آية، ومئتان وست وخمسون كلمة، وألف وأربعة وثلاثون حرفا، لا يوجد في القرآن سورة مبدوءة بما بدئت به، ولا ناسخ ولا منسوخ فيها، ومثلها في عدد الآي سورة القلم.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قال تعالى :"الْحَاقَّةُ" ١ "مَا الْحَاقَّةُ" ٢ استفهام جار على التفخيم عن عظيم شأنها والتهويل عما يكون فيها "وَما أَدْراكَ" أيها السائل عنها "مَا الْحَاقَّةُ" ٣ فإنك لا تعلمها إلا إذا عاينتها، لأن فيها من الشدائد والأهوال ما لا يبلغه دراية أحد، ولا يصل لكنهها الفكر، فمهما صورتها وكيفها مثلتها فهي أكبر وأعظم من ذلك.
وإنما سميت القيامة حاقّة لأنها ثابتة الوقوع وتحق على القوم فتقع فيهم "كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ" ٤ القيامة وسميت بها لأنها تقرع الناس فتدهشهم وتفرع القلوب فتفلجها، ولها أسماء كثيرة بيناها في محالها فيما مضى، وسنبين أيضا فيما يأتي.
قال تعالى "فَأَمَّا ثَمُودُ" قوم صالح "فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ" ٥ الصيحة الشديدة المجاوزة للحد في القوة بسبب طعيانهم وبغيهم على عقر الناقة التي أظهرها اللّه معجزة لنبيهم على طلبهم، "وَأَمَّا عادٌ" قوم هود "فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ" شديدة الصوت باردة تحرق بقوة بردها الزرع والضرع "عاتِيَةٍ" ٦ عظيمة العصف قد عتت عليهم فلم يقدروا أن يقوا أنفسهم منها بعزم ولا حزم ولا حيلة، وإن اللّه المنتقم الجبار القهار "سَخَّرَها عَلَيْهِمْ" أي العتاة المذكورين بمقتضى قضائه الأزلي "سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً" قاطعات متتابعات لم تفتر خلالها حتى حسمتهم على آخرهم.
وفي قوله تعالى سخرها رد لمن قال إن تلك الريح كانت باتصال الكواكب.
وردع لبعض المفسرين القائلين إنها عتت على الملائكة، وهذه الأيام الثمانية تسمى العجوز


الصفحة التالية
Icon