الحاقة مرفوعة بالابتداء وخبرها ﴿مَا الحاقة﴾ والأصل الحاقة ما هي أي أي شيء هي ؟ تفخيماً لشأنها، وتعظيماً لهولها فوضع الظاهر موضع المضمر لأنه أهول لها ومثله قوله :﴿القارعة * مَا القارعة﴾ [ القارعة : ١، ٢ ] وقوله :﴿وَمَا أَدْرَاكَ﴾ أي وأي شيء أعلمك ﴿مَا الحاقة﴾ يعني إنك لا علم لك بكنهها ومدى عظمها، يعني أنه في العظم والشدة بحيث لا يبلغه دراية أحد ولا وهمه وكيفما قدرت حالها فهي أعظم من ذلك ﴿وَمَا﴾ في موضع الرفع على الابتداء و ﴿أَدْرَاكَ﴾ معلق عنه لتضمنه معنى الاستفهام.
كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤)
القارعة هي التي تقرع الناس بالأفزاع والأهوال، والسماء بالانشقاق والانفطار، والأرض والجبال بالدك والنسف، والنجوم بالطمس والانكدار، وإنما قال :﴿كذبت ثمود وعاد بالقارعة﴾ ولم يقل : بها، ليدل على أن معنى القرع حاصل في الحاقة، فيكون ذلك زيادة على وصف شدتها.
ولما ذكرها وفخمها أتبع ذلك بذكر من كذب بها، وما حل بهم بسبب التكذيب تذكيراً لأهل مكة، وتخويفاً لهم من عاقبة تكذيبهم.
فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥)