وإنما أضيف لفظ الشهر إلى رمضان في هذه الآية مع أن الإيجاز المطلوب لهم يتقضي عدم ذكره إما لأنه الأشهر في فصيح كلامهم وإما للدلالة على استيعاب جميع أيامه بالصوم ؛ لأنه لو قال رمضان لكان ظاهراً لا نصاً، لا سيما مع تقدم قوله ﴿أياماً﴾ [البقرة : ١٨٤] فيتوهم السامعون أنها أيام من رمضان.
فالمعنى أن الجزء المعروف بشهر رمضان من السنة العربية القمرية هو الذي جعل ظرفاً لأداء فريضة الصيام المكتوبة في الدين فكلما حل الوقت المعين من السنة المسمى بشهر رمضان فقد وجب على المسلمين أداء فريضة الصوم فيه، ولما كان ذلك حلوله مكرراً في كل عام كان وجوب الصوم مكرراً في كل سنة إذ لم ينط الصيام بشهر واحد مخصوص ولأن ما أجري على الشهر من الصفات يحقق أن المراد منه جميعُ الأزمنة المسماةُ به طول الدهر. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ١٧١﴾
فائدة
قال ابن كثير :
وقد روي عن بعض السلف أنه كَره أن يقال : إلا " شهر رمضان" ولا يقال :" رمضان" ؛ قال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي، حدثنا محمد بن بكار بن الريَّان، حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب القُرَظي، وسعيد - هو المقْبُري - عن أبي هريرة، قال : لا تقولوا : رمضان، فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى، ولكن قولوا : شهر رمضان.
قال ابن أبي حاتم : وقد روي عن مجاهد، ومحمد بن كعب نحو ذلك، ورَخَّص فيه ابن عباس وزيد بن ثابت.
قلت : أبو معشر هو نَجِيح بن عبد الرحمن المدني إمام [في] المغازي، والسير، ولكن فيه ضعف، وقد رواه ابنه محمد عنه فجعله مرفوعا، عن أبي هريرة، وقد أنكره عليه الحافظ ابن عدي -وهو جدير بالإنكار-فإنه متروك، وقد وهم في رفع هذا الحديث، وقد انتصر البخاري، رحمه الله، في كتابه لهذا فقال :" باب يقال رمضان" وساق أحاديث في ذلك منها :" من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" ونحو ذلك. أ هـ ﴿تفسير ابن كثير حـ ١ صـ ٥٠٢﴾