فصل
قال الفخر :
واعلم أنه تعالى لما أقام الدلالة على إمكان القيامة، ثم على وقوعها، ثم ذكر أحوال السعداء وأحوال الأشقياء، ختم الكلام بتعظيم القرآن فقال.
فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (٣٩)
وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
منهم من قال : المراد أقسم و ( لا ) صلة، أو يكون رد الكلام سبق، ومنهم من قال : لا ههنا نافية للقسم، كأنه قال : لا أقسم، على أن هذا القرآن قول رسول كريم يعني أنه لوضوحه يستغني عن القسم، والاستقصاء في هذه المسألة سنذكره في أول سورة ﴿لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ القيامة﴾ [ القيامة : ١ ].
المسألة الثانية :
قوله :﴿بِمَا تُبْصِرُونَ ومالا تُبْصِرُونَ﴾ يوم جميع الأشياء على الشمول، لأنها لا تخرج من قسمين : مبصر وغير مبصر، فشمل الخالق والخلق، والدنيا والآخرة، والأجسام والأرواح، والإنس والجن، والنعم الظاهرة والباطنة.
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠)
واعلم أنه تعالى ذكر في سورة ﴿إِذَا الشمس كُوّرَتْ﴾ [ التكوير : ١ ] مثل هذا الكلام، والأكثرون هناك على أن المراد منه جبريل عليه السلام، والأكثرون ههنا على أن المراد منه محمد ﷺ، واحتجوا على الفرق بأن ههنا لما قال :﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ ذكر بعده أنه ليس بقول شاعر، ولا كاهن، والقوم ما كانوا يصفون جبريل عليه السلام بالشعر والكهانة، بل كانوا يصفون محمداً بهذين الوصفين.