وقيل تنزع يده اليسرى من صدره إلى خلف ظهره ثم يعطى كتابه بها ﴿ فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه ﴾ وذلك لما نظر في كتابه ورأى قبائح أعماله مثبتة عليه تمنى أنه لم يؤت كتابه لما حصل له من الخجل والافتضاح ﴿ ولم أدر ما حسابيه ﴾ أي لم أدر أي شيء حسابي لأنه لا طائل ولا حاصل له وإنما كله عليه لا له ﴿ يا ليتها كانت القاضية ﴾ تمنى أنه لم يبيعث للحساب والمعنى يا ليت الموتة التي متها في الدنيا كانت القاضية عن كل ما بعدها والقاطعة للحياة أي ما أحيا بعدها قال قتادة تمنى الموت ولم يكن شيء عنده أكره منه إليه أي من الموت في الدنيا لأنه رأى تلك الحالة أشنع وأمر مما ذاقه من الموت ﴿ ما أغنى عني ماليه ﴾ أي لم يدفع عني يساري ومالي من العذاب شيئاً ﴿ هلك عني سلطانيه ﴾ أي ضلت عني حجتي التي كنت أحتج بها في الدنيا وقيل ضلت عنه حجته حين شهدت عليه الجوارح بالشرك وقيل معناه زال عني ملكي وقوتى وتسلطي على الناس وبقيت ذليلاً حقيراً فقيراً ﴿ خذوه ﴾ أي يقول الله تعالى لخزنة جهنم خذوه ﴿ فغلوه ﴾ أي أجمعوا يديه إلى عنقه ﴿ ثم الجحيم صلوه ﴾ أي أدخلوه معظم النار لأنه كان يتعاظم في الدنيا ﴿ ثم في سلسلة ﴾ وهي حلق منتظمة كل حلقة منها في حلقة ﴿ ذرعها ﴾ أي مقدارها والذرع التقدير بالذراع من اليد أو غيرها ﴿ سبعون ذراعاً ﴾ قال ابن عباس بذرع الملك.
وقال نوفر البكالي سبعون ذراعاً كل ذراع سبعون باعاً كل باع أبعد مما بينك وبين مكة وكان في رحبة الكوفة.
وقال سفيان كل ذراع سبعون ذراعاً، وقال الحسن الله أعلم أي ذراع هو عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله ( ﷺ ) " لو أن رضاضة مثل هذه وأشار إلى مثل الجمجمة أرسلت من السماء إلى الأرض وهي مسيرة خمسمائة سنة لبلغت الأرض قبل الليل ولو أنها أرسلت في رأس السلسلة لسارت أربعين خريفاً الليل والنهار قبل أن تبلغ قعرها أو أصلها " أخرجه الترمذي وقال حديث حسن.


الصفحة التالية
Icon