﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كتابه بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ ياليتنى لَمْ أُوتَ كتابيه ﴾ لما يرى فيها من الفضائح ﴿ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ﴾ أي يا ليتني لم أعلم ما حسابي ﴿ ياليتها ﴾ يا ليت الموتة التي متها ﴿ كَانَتِ القاضية ﴾ أي القاطعة لأمري فلم أبعث بعدها ولم ألق ما ألقي ﴿ مَا أغنى عَنِّى مَالِيَهْ ﴾ أي لم ينفعني ما جمعته في الدنيا، ف "ما" نفي والمفعول محذوف أي شيئاً ﴿ هَلَكَ عَنّى سلطانيه ﴾ ملكي وتسلطي على الناس وبقيت فقيراً ذليلاً.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : ضلت عني حجتي أي بطلت حجتي التي كنت أحتج بها في الدنيا فيقول الله تعالى لخزنة جهنم ﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ﴾ أي اجمعوا يديه إلى عنقه ﴿ ثُمَّ الجحيم صَلُّوهُ ﴾ أي أدخلوه يعني ثم لا تصلوه إلا الجحيم وهي النار العظمى، أو نصب ﴿ الجحيم ﴾ بفعل يفسره ﴿ صَلُّوهُ ﴾ ﴿ ثُمَّ فِى سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا ﴾ طولها ﴿ سَبْعُونَ ذِرَاعاً ﴾ بذراع الملك.
عن ابن جريج : وقيل لا يعرف قدرها إلا الله ﴿ فَاْسْلُكُوهُ ﴾ فأدخلوه.
والمعنى في تقدم السلسلة على السلك مثله في تقديم الجحيم على التصلية.
﴿ إِنَّهُ ﴾ تعليل كأنه قيل : ما له يعذب هذا العذاب الشديد؟ فأجيب بأنه ﴿ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بالله العظيم * وَلاَ يَحُضُّ على طَعَامِ المسكين ﴾ على بذل طعام المسكين، وفيه إشارة إلى أنه كان لا يؤمن بالبعث لأن الناس لا يطلبون من المساكين الجزاء فيما يطعمونهم وإنما يطعمونهم لوجه الله ورجاء الثواب في الآخرة، فإذا لم يؤمن بالبعث لم يكن له ما يحمله على إطعامهم أي أنه مع كفره لا يحرّض غيره على إطعام المحتاجين، وفيه دليل قوي على عظم جرم حرمان المسكين لأنه عطفه على الكفر وجعله دليلاً عليه وقرينة له، ولأنه ذكر الحض دون الفعل ليعلم أن تارك الحض إذا كان بهذه المنزلة فتارك الفعل أحق.


الصفحة التالية
Icon