والمشهد المعروض هو مشهد الناجي في ذلك اليوم العصيب، وهو ينطلق في فرحة غامرة، بين الجموع الحاشدة، تملأ الفرحة جوانحه، وتغلبه على لسانه، فيهتف: هاؤم اقرؤوا كتابيه.. ثم يذكر في بهجة أنه لم يكن يصدق أنه ناج، بل كان يتوقع أن يناقش الحساب.. " ومن نوقش الحساب عذب " كما جاء في الأثر: عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله ( ﷺ ):" من نوقش الحساب عذب " فقلت: أليس يقول الله تعالى:(فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا)فقال:" إنما ذلك العرض وليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك ".
وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا بشر بن مطر الواسطي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عاصم، عن الأحول، عن أبي عثمان، قال: المؤمن يعطى كتابه بيمينه في ستر من الله، فيقرأسيئاته، فكلما قرأ سيئة تغير لونه، حتى يمر بحسناته فيقرؤها فيرجع إليه لونه، ثم ينظر فإذا سيئاته قد بدلت حسنات. قال: فعند ذلك يقول: هاؤم اقرؤوا كتابيه.
وروى عن عبد الله بن حنظلة - غسيل الملائكة - قال: إن الله يوقف عبده يوم القيامة فيبدي - أي يظهر - سيئاته في ظهر صحيفته، فيقول له: أنت عملت هذا ؟ فيقول: نعم أي رب ! فيقول له: إني لم أفضحك به، وإني قد غفرت لك. فيقول عند ذلك: هاؤم اقرؤوا كتابيه. إني ظننت أني ملاق حسابيه.
وفي الصحيح من حديث ابن عمر حين سئل عن النجوى، فقال:" سمعت رسول الله ( ﷺ ) يقول:" يدني الله العبد يوم القيامة، فيقرره بذنوبه كلها، حتى إذا رأى أنه قد هلك قال الله تعالى: إني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم. ثم يعطى كتاب حسناته بيمينه. وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة الله على الظالمين "..