أما فرعون فقد كان يقول :﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وهذه الأنهار تَجْرِي مِن تحتيا ﴾ [ الزخرف : ٥١ ]، فلما كان يتطاول بها جعل الله هلاكه فيها أي في جنسها.
وأما قوم نوح فلما يئس منهم بعد ألف سنةإلا خمسين عاماً، وأصبحوا لا يلدوا إلا فاجراً كفاراً، فلزم تطهير الأرض منهم، ولا يصلح لذلك إلا الطوفان.
وأما ثمود فأخذوا بالصيحة الطاغية، لأنهم نادوا صاحبهم فتعاطى فعقر، فلما كان نداؤهم صاحبهم سبباً في عقر الناقة كان هلاكهم بالصيحة الطاغية.
وأما عاد فلطغيانهم بقوتهم، كما قال تعالى فيهم :﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ العماد التي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي البلاد ﴾ [ الفجر : ٦ - ٨ ]، وسواء عماد بيوتهم وقصورهم، فهو كناية عن طول أجسامهم ووفرة أموالهم وتوافر القوة عندهم، فأخذوا بالريح وهو أرق وألف ما يكون، مما لم يكونوا يتوقعون منه أية مضرة ولا شدة.
وكذلك جيش أبرهة لما جاء مدل بعدده وعدته، وجاء معه بالفيل أقوى الحيونات، سلط الله عليه أضعف المخلوقات والطيور ﴿ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ ﴾ [ الفيل : ٣ - ٤ ].
أما قولم لوط فلكونهم قلبوا الأوضاع بإتيان الذكور دون الإناث، فكان الجزاء من جنس العمل، قلب عليهم قراهم. والعلم عند الله تعالى.
ولا شك أن في ذلك كله تخويف لقريش.
وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (١٤)
تقدم بيانه للشيخ رحمه الله في سورة الكهف عند قوله تعالى :﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الجبال ﴾ [ الكهف : ٤٧ ].
يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (١٨)
تقدم بيانه للشيخ رحمة الله عند قوله تعالى :﴿ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً ﴾ [ الكهف : ٤٩ ].
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩)


الصفحة التالية
Icon