قوله :﴿ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ ﴾ : صفةٌ ل " طعامٌ " دَخَلَ الحصرُ على الصفةِ، كقولك :" ليس عندي رجلٌ إلاَّ من بني تميمٍ " والمرادُ بالحميم الصديقُ، فعلى هذا الصفةُ مختصَّةٌ بالطعامِ أي : ليس له صديق ينفعُه ولا طعامٌ إلاَّ مِنْ كذا. وقيل : التقديرُ : ليس له حميمٌ إلاَّ مِنْ غِسْلين ولا طعامٌ، قاله أبو البقاء، فجعل " مِنْ غِسْلين " صفةً للحميم، كأنَّه أرادَ به الشيءَ الذي يُحَمُّ به البدنُ مِن صديدِ النارِ. ثم قال :" وقيل : من الطعامِ والشرابِ ؛ لأنَّ الجميعَ يُطْعَمُ بدليله قولِه :﴿ وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ ﴾ [ البقرة : ٢٤٩ ] فعلى هذا يكونُ ﴿ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ ﴾ صفةً ل " حميم " ول " طعام "، والمرادُ بالحَميم ما يُشْرَبُ. والظاهرُ أنَّ خبرَ " ليس " هو قوله :" مِنْ غِسْلين " إذا أُرِيد بالحميم ما يُشْرَبُ أي : ليس له شرابٌ ولا طعامٌ إلاَّ غِسْليناً. أمَّا إذا أُريد بالحميمِ الصديقُ فلا يتأتَّى ذلك. وعلى هذا الذي ذكَرْتُه فيُسْألُ عمَّا يُعَلَّقُ به الجارُّ والظرفان؟ والجوابُ : أنها تتعلَّقُ بما تعلَّقَ به الخبرُ، أو يُجْعَلُ " له " أو " ههنا " حالاً مِنْ " حميم "، ويتعلَّقُ " اليوم " بما تَعَلَّق به الحالُ. ولا يجوزُ أَنْ يكونَ " اليومَ " حالاً مِنْ " حميم "، و " له " و " ههنا " متعلِّقان بما تعلَّق به الحالُ ؛ لأنه ظرفُ زمانٍ، وصاحبُ الحالِ جثةٌ. وهذا الموضِعُ موضِعٌ حَسَنٌ مفيدٌ فتأمّلْه.
والغِسْلِين : فِعْلِيْن مِن الغُسالةِ، فنونُه وياؤُه زائدتان. قال أهلُ اللغة : هو ما يَجْري من الجِراح إذا غُسِلَتْ. وفي التفسير : هو صَديدُ أهلِ النار. وقيل : شجرٌ يأكلونه.
لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (٣٧)