قوله :﴿ لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ الخاطئون ﴾ : صفةٌ ل " غِسْلين ". والعامَّةُ يَهْمِزُون " الخاطِئُون " وهو اسمُ فاعلٍ مِنْ خَطِىءَ يَخْطأ، إذا فَعَلَ غيرَ الصوابِ متعمِّداً، والمُخْطِىءُ مَنْ يفعلُه غيرَ متعمِّدٍ.
وقرأ الزُّهريُّ والعَتكِيُّ وطلحة والحسن " الخاطِيُون " بياءٍ مضمومةٍ بدلَ الهمزة. وقد تقدَّم مثلُه في " مُسْتَهْزِيُون " أولَ هذا الموضوع. وقرأ نافعٌ في روايةٍ، وشيخُه وشَيْبَةُ بطاءٍ مضمومةٍ دونَ همزِ. وفيها وجهان، أحدُهما : أنَّه كقراءةِ الجماعةِ، إلاَّ أنه خُفِّفَ بالحَذْفِ. والثاني : أنه اسمُ فاعلٍ مِن خطا يخطو إذا اتَّبع خطواتِ غيرِه. فيكونُ مِنْ قولِه :﴿ لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشيطان ﴾ [ النور : ٢١ ] قاله الزمخشري، وقد مَرَّ في أول هذا الموضوع أنَّ نافعاً يَقْرأ " الصابِييْنَ " بدونِ همزٍ، وتقدَّم ما نَقَلَ الناسُ فيها، وعن ابن عباس : ما الخاطُون كلُّنا نَخْطُو. ورَوى عنه أبو الأسودِ الدؤليُّ :" ما الخاطُون، إنما هو الخاطئُون وما الصابُون، إنما هو الصابِئُون ".
فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨)
وقوله :﴿ فَلاَ أُقْسِمُ ﴾ : قد تقدَّم مثلُه في آخرِ الواقعة، وأَشْبَعْتُ القولَ ثَمَّةَ إلاَّ أنَّه قيل ههنا : إنَّ " لا " نافيةٌ لفعلِ القسم، وكأنَّه قيل : لا أَحْتاجُ أَنْ أُقْسِمَ على هذا ؛ لأنه حقٌّ ظاهرٌ مُسْتَغْنٍ عن القسمِ، ولو قيل به في الواقعة لكان حَسَناً.
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠)
قوله :﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ ﴾ : هو جواب القسمِ.
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (٤١)
قوله :﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ ﴾ : معطوفٌ على الجوابِ فهو جواب. أَقْسَمَ على شيئين، أحدُهما مُثْبَتٌ، والآخرُ منفيٌّ وهو من البلاغةِ الرائعة.


الصفحة التالية
Icon