قوله :﴿ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ ﴾ ﴿ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ انتصبَ " قليلاً " في الموضعَيْنِ نعتاً لمصدرٍ أو زمانٍ محذوفٍ أي : إيماناً قليلاً أو زماناً قليلاً. والناصب تُؤْمِنون وتَذَكَّرون، و " ما " مزيدةٌ/ للتوكيدِ. وقال ابنُ عطيةَ :" ونُصِبَ " قليلاً " بفعلٍ مضمرٍ، يَدُلُّ عليه " تُؤْمِنون ". وما يُحتمل أَنْ تكونَ نافيةً فيَنْتَفِيَ إيمانُهم البتةَ، ويُحتمل أَنْ تكونَ مصدريةً، ويتصفَ بالقلَّةِ، فهو الإِيمانُ اللغويُّ ؛ لأنَّهم قد صَدَّقوا بأشياءَ يسيرةٍ، لا تُغْني عنهم شيئاً ؛ إذ كانوا يُصَدِّقون بأنَّ الخيرَ والصِّلةَ والعفافَ الذي يأمرُ به رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم هو حقٌّ وصوابٌ ". قال الشيخ :" أمَّا قولُه :" قليلاً " نُصِبَ بفعلٍ إلى آخره فلا يَصِحُّ ؛ لأن ذلك الفعلَ الدالَّ عليه " تُؤْمنون " : إمَّا أن تكونَ " ما " نافيةً [ أو مصدريةً ] كما ذَهَب إليه. فإنْ كانَتْ نافيةً فذلك الفعلُ المضمرُ الدالُّ عليه " تُؤْمِنون " المنفيُّ ب " ما " يكونُ منفيّاً، فيكون التقدير : ما تُؤْمِنون قليلاً ما تؤمنون، والفعلُ المنفيُّ ب " ما " لا يجوزُ حَذْفُه ولا حَذْفُ " ما "، لا يجوز :" زيداً ما أَضْرِبُه " على تقدير : ما أضربُ زيداً ما أَضْرِبُه. وإنْ كانَتْ مصدريةً كانَتْ : إمَّا في موضع رفعٍ ب " قليلاً " على الفاعلية، أي : قليلاً إيمانُكم، ويبقى " قليلاً " لا يتقدَّمه مَا يَعْتمد عليه حتى يعملَ، ولا ناصبَ له، وإمَّا في موضعِ رفعٍ على الابتداءِ فيكونُ مبتدأً لا خبرَ له، لأنَّ ما قبلَه منصوبٌ ".